كان الفقه في الزمن النبوي هو التصريح بحكم ما وقع بالفعل، أما مَنْ بعده من الصحابة وكبار التابعين وصغارهم فكانوا يبينون حكم ما نزل بالفعل في زمنهم, ويحفظون أحكام ما كان نزل في الزمن قبلهم, فنما الفقه وزادت فروعه نوعًا، أما أبو حنيفة فهو الذي تجرّد لفرض المسائل وتقدير وقوعها وفرض أحكامها, إما بالقياس على ما وقع, وإما باندراجها في العموم مثلًا، فزاد الفقه نموًّا وعظمة, وصار أعظم من ذي قبل بكثير، قالوا: إنه وضع ستين ألف مسالة، وقيل: ثلاثمائة ألف مسألة، وقد تابع أبا حنيفة جل الفقهاء بعده, ففرضوا المسائل وقدَّروا وقوعها, ثم بينوا أحكامها.