[القسم الرابع: في الطور الرابع للفقه وهو طور الشيخوخة والهرم المقرب من العدم]
[مدخل]
...
[القسم الرابع: في الطور الرابع للفقه وهو طور الشيخوخة والهرم المقرب من العدم]
هذا الطور مبدؤه من أول القرن الخامس إلى وقتنا هذا الذي هو القرن الرابع عشر، وذلك أنه وصل إلى منتهى قوته في القرون الأربعة السابقة، وتم نضجه، فزاد بعد حتى احترق، وذهبت عينه، ولم يبق إلا مرقه في القرن الخامس وما بعده إلى أن صار الآن أثرا بعد عين، وذلك لأسباب منها:
قصور الهمم عن الاجتهاد إلى الاقتصار على الترجيح في الأقوال المذهبية، والاختيار منها، ولله در سعيد بن الحداد الفقيه القيرواني إذ يقول: إن الذي أدخل كثيرا من الناس في التقليد نقص العقول، ودناءة الهمم، وكانت وفاة هذا السيد الجليل سنة "٣٣٠" ثلاثين وثلاثمائة كما في "المدارك" ثم قصروا عن ذلك في هذه الأزمان، واقتصروا على النقل عمن تقدم فقط، وانصرفت همتهم لشرح كتب المتقدمين وتفهمها، ثم اختصارها، وفكرة الاختصار ثم التباري فيه مع جمع الفروع الكثيرة في اللفظ القليل هو الذي أوجب الهرم، وأفسد الفقه، بل العلوم كلها كما يأتي إيضاحه؛ إذ صاروا قراء كتب لا محصلي علوم، ثم في الأخير قصروا عن الشرح، واقتصروا على التحشية والقشور، ومن اشتغل بالحواشي ما حوى شيء.