إن الإفتاء في زماننا بيد الفقهاء المعروفين من أهل التقليد، ولا يوجد بينهم في مغربنا بوقتنا هذا من يدعي اجتهادا، أو رتبة ترجيح، أو يقدر أن يفوه بها إلا إن كان معتوها فيما أعلم، ولا أدري هل يوجد بغير المغرب من يدعيه.
وغاية ما يشترط الآن فيمن ينتصب للفتوى أو للقضاء في إحدى العواصم الكبار أن يكون له إلمام بقواعد العربية بحيث يميز العبارة الصحيحة من الفاسدة، ويفهم دقائق معاني الكلام بحيث يعرف أن يطالع الكتب، ولا سيما مختصر خليل بشرحيه الخرشي والزرقاني وحواشيه، فإذا عرف مطالعة هذه الكتب وأحرى تدريسها، فإنه الغاية، ويعد نفسه هو ملك المغرب، فصار مختصر خليل بوقتنا وعند أهل جيلنا المنحط قائما مقام الكتاب والسنة مع أن الذي يفهم خليلا ويحصله، ويقدر على أخذ الأحكام الصحيحة منه لا شك عندي لو توجه لكتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتمرن عليهما لكان قادرا على أخذ الأحكام منهما، فهذا الذي يشترط في وقتنا في أعلى مدرس، وأعلى قاض أما الأدنى، فكم من