وليتنبه لأمور منها أن عمل فاس قاصر عليها لا يجوز أن يفتي به في غيرها من البلدان إلا إذا كان نص على التعميم، ومن التعميم مسألة شهادة اللفيف والصيد المقتول ببنادق الرصاص وكثيرا ما يكون العمل تابعا للعرف مثل أدوات البيت منها ما يكون للزوج، ومنها ما يكون للزوجة بحسب الأعراف والعوائد، فكل بلد يحكم لها بعرفها، وفي صحيح البخاري: باب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع والإجارة والمكيال والوزن وسنتهم على نياتهم ومذاهبهم المشهورة، ثم ساق من الآثار ما يدل لذلك، وللأعراف قيمة في نظر الشرع قال تعالى:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} ١ وقال عليه السلام لهند زوج أبي سفيان: "كلي وولدك بالمعروف" ولا يسر عرف بلد على بلد، ولا يحكم بزمن على زمن، فكل زمن يحكم فيه بعرف أهله، وكل ما لم يثبت فيه تعميم، فالواجب على القاضي، والمفتي التمسك بالراجح أو المشهور، وإلا ردت فتواه؛ لأن جريان عمل فاس ليس مرجحا للقول الضعيف، وإنما هو لدرء مفسدة مثلا وجدت بفاس، فإذا لم توجد في غيرها، فلا، والعمل بالراجح من أصول الدين كما سبق، وفي نوازل مازونة عن علي بن عثمان أنه سئل عن الخصم يأتي القاضي بفتوى مخالفة للمشهور هل يعمل بها أم يطرحها؟ فأجاب بأنه يطرحها إلا أن تكون خالفت المشهور لوجه معتبر في الشرع. ا. هـ.
نبهنا على هذا؛ لأن بعض المفتين والقضاة يغفلون، ويعممون الحكم، وهو غلط لا يحل السكوت عنه، وقد رأيت الهلالي نص عليه أيضا، ومما يدل له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أبردوا بالظهر" كما في "الصحيحين" وهي رخصة لزمن