للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الصلاة]

كان -صلى الله عليه وسلم- لأول المبعث يصلي١ ركعتين بالغداة وركعتين بالمساء، وفي حديث سماع الجن القرآن: أنهم سمعوه يقرأ في بطن نخلة وهو يصلي ليلًا، ويظهر أنها صلاة التهجد, وكان ذلك سنة إحدى عشرة من المبعث عند كثير من أهل السير، فذهب الحربي١ إلى أن الصلاة كانت مفروضة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي، وذكر الشافعي عن بعض أهل العلم أن صلاة الليل كانت مفروضة ثم نسخت بقوله تعالى: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} ٢ فصار الفرض قيام بعض الليل، ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس، وذهب جماعة إلى أنه لم يكن قبل الإسراء صلاة مفروضة إلّا ما كان وقع الأمر من صلاة الليل من غير تحديد.

السجود لقراءة القرآن:

كان أيضًا مشروعًا قبل الهجرة كما تدلّ له قصة الغرانيق وإن تكلم فيها مَنْ تكلم، لكن المرجَّح أن لها أصلًا في الجملة وإن لم تثبت بعض تفاصيلها, ولعل ما تقدَّم كله تدريب، وتدريج إلى إيجاب الصلوات الخمس، فتكون الصلاة من الأحكام التي نزلت تدريجًا, وقد قالت عائشة: إن الصلوات الخمس فرضت ركعتين ثم زيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر٣, وإن خالفهما ابن عباس.


١ قال المؤلف -رحمه الله: على هاتين الصلاتين يحمل كثير من الآيات المكية التي ورد فيها ذكر الصلاة كآية: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} الآية، على أنه يحتمل أنها نزلت بعد فرض الصلاة قبل الهجرة, لما رواه الواحدي عن عليّ بن الحسين: آخر آية نزلت بمكة المؤمنون، أما قوله تعالى: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا} فهي محمولة على القراءة أو الدعاء كما في البخاري، وقد نزلت والنبي -صلى الله عليه وسلم- مختفٍ بدار الأرقم.
١ إبراهيم بن إسحاق بن بشير عبد الله البغدادي أبو إسحاق الحربي، وتوفي ببغداد، من أكابر المحدثين، ت سنة ٢٨٥ هـ، "تذكرة الحفاظ" "٢/ ١٤٧".
٢ المزمل: ٢٠.
٣ متفق عليه: البخاري في الجمعة "٢/ ٥٥"، ومسلم في صلاة المسافرين "٢/ ١٤٢, وأخرج مسلم عن ابن عباس: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربًعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة "٢/ ١٤٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>