للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترجمة سيدتنا فاطمة بنت مولانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم:

وأشبه الناس به خُلُقًا وخَلْقًا، وأحب الناس إليه، وإلى أمته، سيدة نساء العالمين, ويكفي أن يقال في ترجمتها بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم, فأي فضل وأي شرف وأي فخر بعد هذا، لكن ترجمة فضلها وعقلها وأدبها وشعرها وخطبها وجودها وفقهها خُصَّت بالتآليف، وانظر خطبها في كتاب "بلاغات النساء"١، من فقهها -رضي الله عنها, أوصت عليًّا أن يغسّلها, فهي أول امرأة غسَّلَها زوجها في الإسلام، وأقره الصحابة على ذلك، فكان إجماعًا، وهو مقدَّم على ما يقتضيه القياس من كون الزوج بعد وفاتها صار أجنبيًّا لانصرام العصمة، وأوصت أن يجعل عليها قبَّةً٢ تحمل فيها لئلَّا ترى، وهي أول من فُعِلَ بها ذلك فرقًا بين النساء والرجال سترًا لهن٢, ولم يعقب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا منها, ولم يبق بعده من بنيه سواها، توفيت بعد بثلاثة أو ستة أشهر، وهي أول لحوقًا به -عليه السلام, كما أخبرها بذلك٣.


١ بلاغات النساء: تأليف أحمد بن طيفور الخراساني، ت سنة ٢٨٠، طبع بمصر سنة ١٢٣٦هـ.
٢ قال المؤلف -رحمه الله: سأل قاضي دانية أبو عمر أحمد بن حسين الشيخ أبا عمران الفاسي عالم أفريقيا لما توجّه في سفارة من الموفق صاحب دانية إلى المعز بن باديس عن مائة مسألة، من جملته هذه وهي: لم خصت المرأة بوضع قبة على نعشها واستمر عليه عمل الأمة من الصدر الأول إلى الآن. وقد كانت تدفن ليلًا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم, وهي في حياتها لا يلزم إخفاء شخصها بل ستر جسدها؟ فأجاب أبو عمران: إنها لم تملك من أمراها شيئًا, فلذلك جعل لها أتمَّ الستر. وأجاب السائل بأن علة ذلك أنها لما حُمِلَت على الأعناق وتعيَّن عينها, زيد في سترها حتى لا يعلم طولها من قصرها, وسمنها من هزالها, وهي في حياتها مختلطة بغيرها لم تتعين. نقله في المدارك في ترجمته الأول.
٢ أما أنها أوصت عليًّا بأن يغسّلها فنقله ابن عبد البر في الاستيعاب. وانظر كلام الحافظ ابن حجر عليه في الإصابة "٨/ ٥٧"، وفي مسند أحمد أنها -رضي الله عنه- اغتسلت قبل موتها، وأوصت ألا يكشفها أحد "٦/ ٤٦١"، قال الهيثمي: فيه من لم أعرف، وروى نحوه الطبراني بإسناد منقطع. مجمع الزوائد "٩/ ٢١١".
٣ سيدتنا فاطمة بنت مولانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم. ترجمتها في الإصابة "٨/ ٥٣"، والاستيعاب "٤/ ١٨٩٣"، وأسد الغابة "٥/ ٥١٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>