قال الإمام النووي في شرح "المهذب": إن الاجتهاد نوعان: مستقل وقد فقد من رأس المائة الرابعة، فلم يمكن وجوده، ومجتهد منتسب وهو باق إلى أن تأتي أشراط الساعة الكبرى، ولا يجوز انقاطعه شرعا لأنه فرض كفاية ومتى قصر أهل مصر حتى تركوه، أثموا كلهم، وعصوا بأسرهم، كما صرح به الماوردي والروياني والبغوي، وغيرهم. قال ابن الصلاح: والذي رأيته من كلام الأئمة مشعر بأنه لا يتأدى فرض الكفاية بالمجتهد المقيد، والذي يظهر لي أنه يتأدى فرض الكفاية في الفتوى، وإن لم يتأد به فرض الكفاية في إحياء العلوم التي منها الاستمداد في الفتوى. ا. هـ. نقله الألوسي في "جلاء العينين".
وفي "إعلام الموقعين"١ في الوجه الحادي والثمانين من أوجه الرد على المقلدين: إن المقلدين حكموا على الله قدرا وشرعا بالحكم الباطل جهارا، مخالفا لما أخبر به رسوله فأخلوا الأرض من القائمين لله بحجة، وقالوا: لم يبق في الأرض عالم منذ الأعصار المتقدمة، فقالت طائفة: ليس لأحد أن يختار بعد أبي حنيفة، وأبي يوسف، وزفر بن الهذيل، ومحمد بن الحسن، والحسن بن زياد اللؤلئي، وهذا قول كثير من الحنفية، وقال بكر بن العلاء القشيري المالكي: ليس لأحد أن يختار بعد المائتين من الهجرة، وقال آخرون: ليس لأحد أن يختار بعد الأوزاعي والثوري، ووكيع بن الجراح، وابن المبارك، وقال طائفة: ليس لأحد أن يختار بعد الشافعي، واختلف المقلدون من أتباعه فيمن يؤخذ بقوله من المنتسبين إليه، ويكون له وجه يفتي، ويحكم به ممن ليس كذلك، وجعلوهم ثلاث