للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خالف نصا صريحا أو إجماعا أو قياسا جليا أو القواعد. ا. هـ. بخ.

فتأمل ذلك فإن الحاكم إذا ثبت اجتهاده وعدالته، تعذر نقض حكمه بدعوى مخالفة ما ذكر؛ لأنه يؤدي إلى التسلسل ونقض ظن بمثله.

قال الخطيب في "المحصول": الدلائل السمعية لا تفيد اليقين إلا بنفي تسع احتمالات وما أظن ذلك بموجود نعم مراتب الظنون تقوى وتضعف. ا. هـ. نقله العياشي في رحلته عدد ٢٧٤ ج٢ ولم يقتصر ابن الحاجب في "المنتهى" على ما نقله صاحب الإيضاح، بل زاد بعده، وينقض إذا خالف قاطعا، وهذا الاستثناء لا بد منه، وكان الأولى بالعلماء أن يمضوا حكم المجتهد إذا ثبتت عدالته مطلقا اتفاقا إذا لم يخالف قاطعا وما سوى ذلك إنما هو فتح باب الجدال الذي لا يوجد له مصراع يسد به.

وإنما نعلم أن عمر قد نقض حكم أبي بكر في استرقاق سبي بني حنيفة، ولكن لنا أن نقول: إن ذلك كان لسياسية اقتضاها الحال كما أعتق المسلمون في حياته عليه السلام سبي هوازن استصلاحا لهم وليس نقضا لحكمه خلاف ما سبق لنا في عدد ٤١ و٤٣ ج٣ فمثل هذه الجزئية لا تنهض دليلا لمسألة توجب الشغب كهذه.

أما المقلد، فينقض حكمه، وتبطل فتواه مهما خالف نصوص مذهبه وعلى هذا عمل المشارق والمغارب في الزمن الحاضر، وعلى كل حال نقض حكم الحاكم المجتهد العدل، إذا خالف نصا، أو جلي قياس، أو إجماعا اختلف فيه، ورجح بناني في حاشية الزرقاني الفسخ مستدلا بأدلة واهية، وسلمها رهوني، والذي يظهر خلافه.

وما نسبه في إيضاح المسالك لابن الماجشون نسب بناني له خلافه وهو النقض، ونسب عدم النقض لابن عبد الحكم زاعما أنه تفرد به، وقد علمت عدم تفرده به، بل ليس من المعقول نقض أحكام الحنفية والشافعية والحنابلة المقلدين إذا خالفوا عمل أهل المدينة أو نصا أو جلي قياس في نظرنا، فالقول بالنقض قريب من الهذيان، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>