للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المجلد الثاني]

[القسم الثالث: في الطور الثالث للفقه وهو طور الكهولة]

[مدخل]

...

[القسم الثالث: في الطور الثالث للفقه وهو طور الكهولة]

تطور الفقه في طور الكهولة من مبدأ المائة الثالثة إلى منتهى الرابعة، إذ وقف في قوته، ولم يزد قوة، ومال إلى القهقرى، ولكن لم يسرع إليه الهرم، ولا وصل إلى طور الانحلال، بل حفظ قوته الأصلية زمن قرنين بسبب ما ظهر فيه من الحفاظ، والمجتهدين الكبار، والتآليف العظام.

وفي هذا العصر اختلط فيه المجتهدين بغيرهم، فكان يوجد أهل الاجتهاد المطلق، ولكن غلب التقليد في العلماء، ورضوا به خطة لهم، ولا يزال في هذا العصر يزيد التقليد، عالة على فقه أبي حنيفة ومالك والشافعي وابن حنبل وأضرابهم ممن كانت مذاهبهم متداولة إذ ذلك، وانساقوا إلى اتخاذ أصول تلك المذاهب دوائر حصرت كل طائفة نفسها بداخلها لا تعدوها، وأصبحت أقوال هؤلاء الأئمة بمنزلة نصوص الكتاب والسنة لا يعدونها.

وبذلك نشأت سدود بين الأمة، وبين نصوص الشريعة ضخمت شيئا فشيئا إلى أن تنوسيت السنة، ووقع العبد من الكتاب بازدياد تأخر اللغة، وأصبحت الشريعة هي نصوص الفقهاء وأقوالهم لا أقوال النبي، الذي أرسل إليهم، وصار الذي له القوة على فهم كلام الإمام، والتفريع عليه مجتهدا مقيدا، أو مجتهد المذهب، وتنوسي الاجتهاد المطلق.

حتى قال النووي في "شرح المذهب" بانقطاعه من رأس المائة الرابعة، فلم يمكن وجوده، وهو كلام غير مسلم.

وحتى قال عياض في "المدراك": إن لفظ الإمام يتنزل عند مقلده بمنزلة ألفاظ الشارع.

<<  <  ج: ص:  >  >>