للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويصح أن تعتبر هذه الكتابة أول تدوين السنة التي هي من مواد الفقه، لكن ما كتبوا إلّا الشيء اليسير، لا سيما وما كتبه عبد الله بن عمرو بن العاص لم يظهر، إذ لم يعدوه من المكثرين الذي تجاوزوا الألف لاشتغاله بالسياسة مع والده ورحلته إلى مصر.

ولم تكن إذ ذاك دار علم، مع أن أبا هريرة قال: لم يكن أحد أكثر مني ملازمة للنبي -صلى الله عليه وسلم- إلّا ما كان من عبد الله بن عمرو, فإنه كان يكتب ولا أكتب١.

وعلى كل حالٍ فالقرآن تركه -عليه السلام مكتوبًا مدونًا كله, أمَّا السنة فلم يبتدأ جمعها وتدوينها إلّا بعد مائة سنة من وفاته -عليه السلام, كما يأتي تحريره، سوى ما كُتِبَ على عهده كما سبق, وكان يسيرًا، وإنما اتَّكلوا في السنة على حفظهم وسيلان أذهانهم ومضاء قرائحهم، والأميّ دائمًا يكون أحفظ من الكاتب، وكان سيدنا عمر همَّ يجمعها وكتبها واستخار الله في ذلك شهرًا, ثم خاف اشتغال الناس بها وترك القرآن, أو غير ذلك فرجع.

والحق يقال، لا شك أن تأخُّر كتبها تسبَّب عنه وقوع الاختلاف والاضطراب في كثير من الأحاديث وهو من أوجه تقديم القرآن عليها، زد على ذلك ما ابتليت به من وضع الزنادقة والرافضة وتعمدهم الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأغراض سياسية واهية كما يأتي.


١ سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>