للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ} ١ واستثنى من ذلك من لا ريبة في كشفها فقال: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ} ٢.

بهذا انسدل الحجاب على نسوة الإسلام الحرائر، واستراحت الضمائر وأمنت الفتنة, وذهبت "الظنة"٣، وتمَّ الاحترام، وعظم بذلك الإنعام.

وشرع الاستيذان في جميع البيوت أخذًا بالحيطة فقال تعالى: {لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ, فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُم} ٤، وهذا ما يسمَّى بالحرية الشخصية والحرمة الأفرادية، فلا يجوز التهجم على البيوت ولا دخولها إلّا بإذن، أو إن كان هناك موجب شرعي ثابت ببينة تستحل به الحرمة، وإلّا فلا، ولا تضيق على النسوة المسلمات في ذلك، لإنهن ألفنه وهو من التكاليف الدينية التي ترتاح لها الضمائر المؤمنة، وتتلقاها بالانشراح وإن كانت نزيهة أبية, ولا أقرَّ لعين مؤمن ولا مؤمنة منه ولله الحمد، ولا محوج لغيرنا أن يتدخل في شئوننا الداخلية التي هي حيوية لنا كهذه، فإذا لم تحمله على انتقاده غبطة فحسد، ولا ينقضي عجبي من رجل يدعي أنه مسلم وينتقده، أو يزعم أن ليس في الشريعة ما يدل عليه، أو لم يكن في الصدر الأول.


١ النور: ٣٠، ٣١.
٢ النور: ٦٠.
٣ في الطبعة المغربية "الضنة" بالضاد المعجمة ولا يستقيم المعنى، و"الظنة" التهمة.
٤ النور: ٢٧، ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>