العلوم المذكورة غير مشترط في الاجتهاد إجماعا. ا. هـ.
وقال أبي في أقضية شرح مسلم ما نصه: وكان ابن عبد السلام يحكي أن من الشيوخ من كان يصعب الاجتهاد، ومنهم من كان يسهل أمره، وإليه كان يذهب الشيخ ابن عرفة، ويرى أنه يكفي من مادته النحوية مثل الجزولية والأصولية متن ابن التلمساني.
قال: وأما الحديث، فهو اليوم سهل؛ لأنه قد فرغ من تمييز صحيحه من سقيمه، فإذا نزلت به مسألة أم الولد مثلا، فيكفيه أن يجمع من المصنفات "الأحكام الكبرى" لعبد الحق، وينظر ما فيها، ويكفيه فيه تصحيح مؤلفه، ولا يلزمه نظر ثان في سنده، ولا يكون مقلدا في ذلك. قالوا: ويكتفى في معرفة الإجماع بالنظر في كتب الإجماع الموضوعة فيه كإجماع ابن القطان. وكان الشيخ يقول: إذا أحضر هذه المصنفات للنظر في النازلة، فإنه يجتمع لديه من الأحاديث فيها ما لا يكاد يحضر مالكا، قال: وأنسب من رأيته على هذه الصفة يعني في المشاركة في هذه المواد ابن عبد السلام وابن هارون. ا. هـ.
وممن كان يصعب الاجتهاد الإمام الشافعي وأحمد بن حنبل بما شرطاه في ذلك الباب قبله، ونحى نحوهما الشيخ الإمام علي السبكي، وذلك كله مقابل للمشهور الذي صدر به في "جمع الجوامع" واعلم أن مواد الاجتهاد اليوم في القرن الرابع عشر أيسر مما كان في زمن الأبي وابن عرفة ومن قبلهما بسبب أهل الفضل الذين اعتنوا بالمطابع، وطبعوا الكتب المعينة على الاجتهاد، وأن طهور الطباعة نقل العلم من طور إلى طور، وقد كان المتقدمون يعانون مشاق عظيمة في كتب الكتب، ويحتاجون لمادة مالية وزمن طويل أما بعد ظهور الطباعة عندنا أواسط القرن الماضي، فقد تيسر ما كان عسيرا إلا أنها وجدت الأمة في التأخر، والفقه في الاضمحلال، والهمم في جمود، فكأننا لم نستفد منها شيئا، فإذا قسنا ما استفدناه منها، ودرجة الرقي التي حصلت بسبب ظهور الكاغد كما قدمناه في القسم الثالث من هذا الكتاب حكمنا بأننا لم نتقدم خطوة تعتبر، وتناسب ما تقدمه غيرنا من الأمم، ورغما عن ذلك فقد وجدت كتب كانت أعز من بيض