في معرفة الفروع وقواعد الأصول والعربية، وإلا ففرضه ما قاله الله:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} ١. ا. هـ. بخ جزء أخير عدد ٤٩٥.
وأكثر فقهاء الوقت يخالفه، ويقول: الحديث مضلة إلا للفقهاء يعني لأنهم أعرف بطرق الأخذ والاستنباط، وبالحديث السالم من التعليل والمعارض والنسخ وغير هذا مما هو مبسوط في محله من كتب الأصول، والحق أن من حصلت له ملكة في العربية والبيان والأصول، وكانت له فقاهة النفس، ومعرفة بمظان متون أحاديث الأحكام كالتي في "المشكاة" و"المصابيح" مثلا، ومعرفة بكتاب الله ناسخة ومنسوخة قادر على أن يستقل بفهمه وإدراك مرماه، محصل على شروط الاجتهاد السابقة، فالباب مفتوح لمثل هذا أن يجتهد لنفسه في أخذ الأحكام التي يحتاج إليها من غير أن يشوش على الناس، ولا أن يحملهم على ترك مذاهبهم التي هم آخذون بها، وبالله التوفيق.
أما القاصر عن ذلك كلا أو بعضا، فهو في عداد العوام، فعليه التقليد ولا يجوز له أن يفتي من نحو "الصحيحين" ولا من القرآن، فالتقليد له أسلم، وكيف يباح لمن كان قاصرا في العربية وقواعد الأصول أن يأخذ الأحكام من الكتاب أو السنة فخطؤه إن لم يكن قطعيا فهو مظنون والله أباح له التقليد بقوله:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} ١ فالصواب ما قال فقهاؤنا لابن القيم، والله أعلم.