إن معنى كونه أصله أنه وافق اجتهاده في كثير من المسائل، ولم أقصد أنه من أصول مذهبه، فإن ذكرتها في ترجمته، ولم أذكر مذهب سعيد منها كما أن مذهب سعيد مقتبس عن مذهب زيد بن ثابت، وعمر بن الخطاب، وابنه وأبي هريرة وغيرهم من أعلام الصحابة المدنيين، بل لا غرابة في تقليد مالك لسعيد في بعض المسائل بناء على أن الاجتهاد يتجزأ، وهو الصحيح، ولا في تقليد سعيد لمن قبله، وهل أخذ مالك بمذهب الصحابي وبعمل المدينة في الاجتهادات إلا نوع من التقليد، وأول من يدخل فيهم سعيد؛ لأنه رأسهم وسيد فقهائهم من التابعين، والعبارة هي لغيري قالوا: إن أصل مذهبه مذهبه، وقال ابن المديني: كان مالك يذهب إلى قول سليمان بن يسار، وسليمان يذهب إلى قول عمر بن الخطاب.
وأما كون ابن المسيب شيخا لمالك، فهو غير ممكن؛ لأن ولاده مالك في السنة التي توفي فيها أو التي بعدها، كما هو مبين في ترجمتيهما من الفكر السامي الذي وقع التعليق عليه، لكن الشيخ بين في مراجعته الثانية أنه وقع في ذلك غلط للكاتب وأن صواب العبارة هكذا هو من علية شيوخ شيوخ مالك، والأمر سهل، ومثل الشيخ بعيد عن مثل هذا الغلط حفظه الله وأمتع المسلمين بأنفاسه.