للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقامها في المدينة المنورة قبل هجرة النبي -عليه السلام- إليهما١، وعليه فلا غرابة في قول أبي حامد٢: إنها فرضت بمكة خلافًا للحافظ٣، أما قوله تعالى: {إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} ٤ فهي مدنية، نزلت بعد فرضيتها بكثير للتنصيص على ترك البيع وقتها، ولتأكيد ما أثبتته السنة بالقرآن, وتسمية اليوم جمعة قيل إسلامية، وقيل سمَّه بها كعب بن لؤي في الجاهلية.

الخطبة:

في السنة الأولى من الهجرة بعد وصوله -عليه السلام- خطب أول خطبة كانت في الإسلام، تجد نصها عند مؤرخي السير، قيل في المسجد النبوي لأول بنائه وقيل بقباء، ومن ذلك الحين شرعت الخطب في الإسلام.

الأذان:

في السنة الأولى أيضًا شرع الأذان للصلوات الخمس، وذلك أنهم كانوا يتحيَّنون وقت الصلاة فيجتمعون، فلما كثروا شاور النبي -صلى الله عليه وسلم- أصحابه فيما يتخذ للإعلام بدخول الوقت، إذ الوقت أنفس ما يحافظ عليه، فأشار بعضهم باتخاذ الناقوس كالنصارى، وبعضهم بالبوق كاليهود، وبعضهم بإيقاد النار، فلم يرتض شيئًا من ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فرأى عبد الله بن زيد بن عبد ربه الخزرجي، رجلًا في المنام دله على الأذان والإقامة، فقصَّ رؤياه على رسول الله, فقال:

"هذا رؤيا حق" , فأمر بلالًا أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة، ورأى عمر مثل رؤيا عبد الله أيضًا"٥.


١ روي عن كعب بن مالك -رضي الله عنه, أن أوَّل من جمع بهم أسعد بن زرارة. أخرجه أبو داود "١/ ٢٨٠"، وابن ماجة "١/ ٣٤٤"، وابن حبان والبيهقي وصحَّحه، وقال الحافظ ابن حجر: إسناده حسن, وقد جمع بينه وبين ما أخرج الطبراني عن أبي مسعود الإنصاري, أن أول من جمع بالمدينة مصعب بن عمير بأن أسعد كان أميرًا ومصعبًا كان إمامًا. "انظر نيل الأوطار" "٣/ ٢٣٠".
٢ هو أحمد محمد الإسفراييني، ترجم له المؤلف في القسم الثالث بإيجاز. "انظر تهذيب الأسماء واللغات للنووي" "٢/ ٢٠٨".
٣ إذا أطلق الحافظ" أراد به ابن حجر صاحب الفتح.
٤ الجمعة: ٩.
٥ أخرجه أبو داود "١/ ١٣٥"، والترمذي وقال: حسن صحيح "١/ ٣٥٩"، وابن ماجة "١/ ٢٣٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>