غير أن القصد من الزيارة: التذكير والاعتبار، ثم الدعاء والاستغفار للموتى، كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- في زيارة شهداء أحد، لا لطلب نفع من الميت، أو دفع ضر, فلا مسوغ لذلك، وهل أبيحت الزيارة للذكور فقط أو الإناث؟ خلاف١.
١ لا شك أن في زيارة القبور من القربان، لأنها تذكر بالآخرة والموت، ويضم إلى هذا المعنى "في زيارة قبور الأنبياء والصالحين، وقبور المسلمين عامة" معنى آخر، هو السلام عليهم دار قوم مؤمنين، والدعاء لهم والاستغفار أوقعهم في الأفكار الوثنية التي من أجلها منع الصحابة في أول الأمر من زيارة القبور كما يقول المصنف، وهي افتتان القلوب بسكَّان تلك القبور "خاصة إذا كانوا من الأنبياء، والصالحين"، وتعلقها بهم، حتى تقع في المحظور بدعائهم، والاستغاثة بهم، وطلب المنفعة منهم، أو دفع المضرة بواسطتهم، وهذا هو عين الشرك الذي بُعِثَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمحاربته والقضاء عليه, حتى تخلص القلوب تعلقها بالله، وتوجّه عبادتها إليه وحده، ومن رأى ماذا كان يصنع الجاهليون عند قبور الشهداء بأحد بالمدينة النبوية في أوائل هذا القرن قبل عهد التوحيد، وكذلك من يرى اليوم ماذا يصنع الضالون من أمة الإسلام حول قبر الحسين أو قبر البدوي في مصر، وحول قبر محي الدين بن عربي في الشام، وماذا يصنع الروافض حول قبور آل البيت في العراق وإيران، وماذا جنى أهل الخرافة من عظائم الأمور في الهند، يعلم مدى ما آلت إليه زيارة القبور من حالٍ تغضب الله -غز وجل- الذي قال: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك, من عمل علمًا أشرك به معي غيري تركته وشركه" أخرجه مسلم عن أبي هريرة "٨/ ٢٢٣".