عمر بعده، وكان عثمان شديد الحياء والحلم, مائلًا إلى السلم والعافية، ووقعت في أيامه فتوح كثيرة، وظهر الرفه الكثيرة في الأمة بما لم ير مثله بعده، إلا أنه كبر سنه، وضعف جسمه، وكان له ثقة في قرابته بني أمية، فتغلَّبوا على أمره، وتولوا أعظم الولايات، وانتفعوا وراء ذلك بسعة العيش ووجاهة في الدولة، نَفَسها عليهم غيرهم، فوجدت الجمعيات السرية التي كانت تكيد الإسلام وجهًا للطعن فيها، مع استغنائه ببني أمية عن مشاروة أكابر المهاجرين والأنصار، الذين كانوا أهل شورى عمر؛ لأن عمر لم يترك للشورى نظامًا محكمًا في الانتخاب, وانتظام المجلس وكيفية التصويت، كما تقدمت الإشارة إليه، ونقم الطاعنون على عثمان أشياء لا تبرر عملهم ضده، فحاصروه بداره، وطلبوا منه أن يتخلى، فامتنع فاقتحموا عليه داره، وقتل شهيدًا ختام سنة "٣٥" خمس وثلاثين١.
١ أبو عبد الله: سيدنا عثمان بن عفان القرشي الأموي, ولد بعد الفيل بست سنين، يكنَّى بأبي عمرو وأبي عبد الله، ت سنة ٣٥هـ. تهذيب التهذيب "٧/ ١٢٧"، ومعجم طبقات الحفاظ "١٢٧" معرفة الثقات "٥/ ١٢"، والتاريخ الكبير "٦/ ٢٠٨"، إسعاف المبطأة "٢٠٥"، التاريخ لابن معين "٣/ ٣٩٤"، دائرة الأعلمي "٢١/ ٣٢٥".