للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأنصار، خمسة أوس وخمسة خزرج، من كبرئهم وأشرافهم، وقال لهم: إني لم أزعجكم إلا لأن تشتركوا في أمانتي فيما حملت من أموركم, فإني واحد كأحدكم, وأنتم اليوم تقرون بالحق, خالفني من خالفني, ووافقني من وافقني, ولست أريد أن تتبعوا هذا الذي هواي معكم من كتاب الله ينطق بالحق, فوالله إن كنت نطقت بأمر أريده, ما أريد به إلا الحق.

قالوا: قل نسمع يا أمير المؤمنين، قال: قد سمعتم كلام هؤلاء القوم الذين زعموا أني أظلمهم حقوقهم, وإني أعوذ بالله أن أركب ظلمًا, لئن كنت ظلمتهم شيئًا هو لهم وأعطيته غيرهم لقد شقيت، ولكن رأيت أنه لم يبق شيء يفتح بعد أرض كسرى، وقد غنمنا الله أموالهم وأرضهم وعلوجهم, فقتسمت ما غنموا من أموال بين أهله, وأخرجت الخمس فوجهته على وجهه, وقد رأيت أن أحبس الأرضين بعلوجها, وأضع عليهم الخراج, وفي رقابهم الجزية يؤدونها فتكون فيئًا للمسلمين المقاتلة والذرية ولمن يأتي من بعدهم, أرأيتم هذه الثغور لا بُدَّ لها من رجال يلزمونها, أرأيتم هذه المدن العظام كالشام والجزيرة والكوفة والبصرة ومصر لا بُدَّ لها أن لا تشحن بالجيوش وإدرار العطاء عليهم, فمن أين يعطى هؤلاء إذا قسمت الأرضين والعلوج.

فقالوا جميعًا: الرأي رأيك, فنعم ما قلت وما رأيت, إن لم تشحن هذه الثغور وهذه المدن بالرجال وتجري عليهم ما يتقوون به رجع أهل الكفر إلى مدنهم.

فقال: قد بان لي الأمر، وقرّر إبقاء الأرض بأيدي أهلها وضرب الخراج عليهم.

وهذا من سداد الرأي, وقد سكت المخالفون اتباعًا للرأي الغالب, وعند ذلك نفَّذ رأيه, فوجَّه مندوبين من قبله مسحا أرض السواد فبلغت "٣٦٠٠٠٠٠٠" ستة وثلاثين مليونًا جريبًا، وظَّف عليها الخراج مقادير معينة من الدراهم والأطعمة حسبما رآه المندوبان، من درهمين إلى عشرة دراهم على الجريب، فجريب الشعير درهمان، وجريب الكرم والنخل عشرة دراهم، وفي رواية ثمانية فقط، وجريب الحنطة أربعة دراهم أو درهم وقفيز، وجريب الخضر ثلاثة، وجريب الرطبة والسمسم والقطن خمسة دراهم، وجريب القصب يعني قصب السكر

<<  <  ج: ص:  >  >>