للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكره, وأنه لم يرجع لقولٍ على ما وقع بينه وبين ابن الزبير, وكان ذلك بعد وفاة علي بكثير، وغير خفي أن محل المنع عند المالكية إذا صرَّح بالأجل في العقد, أما إذا لم يصرح به وإن نواه فالعقد ماض على ما صرّح به الزرقاني في شرح المختصر وسُلِّمَ له١.

ومنها: اختلافهم في الحكم, هل هو خصوصية أم لا:

مثل: النهي عن استقبال القبلة عند الحاجة، فقد ورد فيه حديث عام تشريعًا لعموم الأمة في الصحيح: "لا تستقبلوا القبلة ببول وغائط ولا تستدبروها" ٢.

وروى جابر أنه رآه -عليه السلام- يبول قبل الوفاة النبوية بسنة مستقبل القبلة٣.

فقال: إنه ناسخ لتأخره، وكذلك حديث ابن عمر الذي رآه مستدبر القبلة مستقبل الشام, عليه ظهر بيت حفصة٤، وذهب قوم إلى أن النهي مختص بالصحراء, بخلاف المراحيض التي رئي -صلى الله عليه وسلم- فيها مستقبلًا، وذهب قوم إلى أن فعله -عليه الصلاة والسلام- خصوصية له ليس ناسخًا، ولا مخصصًا, تقديمًا للتشريع العام على القضايا العينية، والتحقيق التخصيص جمعًا بين الأحاديث والنسخ والخصوصية لا بُدَّ لهما من دليل.

فعن هذه المسائل وأمثالها نشأ تشعب الفقه واختلاف الفقهاء, وتمسك أهل كل قطر بأصل يعتمدون عليه ومذهبٍ يتدينون به.


١ عبد الباقي بن يوسف له ترجمة في خلافة الأثر للمحبي "٢/ ٢٨٧".
٢ رواه أبو أيوب، متفق عليه البخاري "١/ ٤٧"، ومسلم "١/ ١٥٤".
٣ الترمذي "١/ ١٥".
٤ متفق عليه: البخاري "١/ ٤٨"، ومسلم "١/ ١٥٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>