للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ، وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا} إلى قوله: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون} ١ إلى غير هذا من الآيات المصرحة بالثناء عليهم وتعديلهم، لكن من كان منهم بهذه الصفات التي في القرآن.

ولا يشكل على ذلك قضية عائشة وحفصة اللتين تظاهرتا على النبي -صلى الله عليه وسلم, وقالتا له: نجد منك ريح مغافر ولم يكن فيه مغافر.

ولا قوله لهلال بن أمية لما لاعَنَ زوجته: "أحدكما كاذب"، وهو صحابي بدري، وإقامته الحد على حسان وحمنة بنت جحش ومسطح بن أثاثة البدري أيضًا لما خاضوا في الإفك، وحدُّ عمر لقدامة بن مظعون إذ شرب الخمر متأولًا وهو يدري أيضًا.

وحده لأبي بكرة ومن معه لما شهدوا على المغيرة بن شعبة بالزنا ورجع بعضهم, وكل ذلك في الصحيح، كذلك قضية كتاب حاطب بن أبي بلتعة الذي قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم: "لعل الله قد اطَّلع على أهل بدر فقال افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم" ٢؛ لأن هذه القضايا نادرة, ولأنا لم ندع لهم عصمة فهم كغيرهم يصدر منهم الذنب ويتدراكهم الله بالتوبة، وكل هؤلاء ثبتت توبتهم وفضلهم فلا قدح، والشريعة معصومة, والله كلفهم بتبليغها إلينا, واختارهم وعدلهم وصدقهم وأذهب كل حرج من صدرونا نحوهم، فمحلهم الثقة والصدق والأمانة والحمد لله رب العالمين.


١ الحشر: ٨.
٢ متفق عليه: البخاري في المغازي, باب: فضل من شهد بدرًا "٥/ ٩٩"، ومسلم في فضائل الصحابة "٧/ ١٦٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>