المطابع العربية المعنون بـ: "الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي", ظهر من هذا الكتاب القيم المحتوي على أربعة أجزاء ثلاثة منها، والهمة مبذولة في إنجاز طبع الرابع.
ذلك الكتاب العزيز المنال, الذي هو من أرفع وأحسن ما ألف في هذا العصر, وفيه يقال:
كتاب بديع حسنًا ومنظرًا ... ولكنه أهدى لنا أنفس الدر
جواهره تغني اللبيب عن السوى ... فدونكه كنزًا وذخرّا مدى الدهر
ولعمري إنه لكتاب فاخر، جليل القدر، غزير الفوائد، كثير الفرائد, جامع لعدد عديد من الأبحاث التاريخية والأنقال، والنصوص الفقهية والدلائل الأصولية، وتراجم مشاهير أعلام الأمة، وغير ذلك من التحريرات العجبيبة التي تشهد لفضيلة مؤلفه بمزيد الاطلاع، وطول الباع, ولا غرابة، فإن ناسج برده، ومرصع جواهره، ومدبج درره وغرره, هو العلامة البحاثة المحدث الكبير, الأستاذ المطلع الشهير, أبو عبد الله سيدي محمد الحجوي الثعالبي, مندوب العلوم والمعارف الذي إذا ذكر، علم السامع أنه الفرد الذي جمع بين التضلع والمشاركة في سائر العلوم الإسلامية, وعلو المكانة والمنزلة السامية.
ناهيك برجل لم يعرف إلا بخدمة العلم ونشره, بمؤلفاته الكثيرة التي طارت بها الركبان، ودروسه المفيدة التي كان يلقيها بكلية القرويين بفاس وبغيرها، تفسيريه وحديثية وأصولية وفقهيه, وما إلى ذلك.
المؤلف الذي جعلنا موضوع كلماتنا هذه في شأنه, كان ألقى ملخصه فضيلة الأستاذ المذكور بنادي الخطابة الأدبي بفاس في ربيع الثاني سنة ١٣٣٦, وجعل موضوعه كيف نشأ الفقه الإسلامي, وتطوره في أطواره الأربعة؛ الطفولية ثم الشباب ثم الكهولة ثم الهرم, وكيف يكون التجديد مع ما يتعلق بالاجتهاد والتقليد, موشَّحًا بتراجم المجتهدين ١٣ الذين دونت مذاهبهم، وتراجم أشهر مشاهير الفقهاء والصحابة فمن بعدهم، وبالجملة هو فلسفة تاريخية مبين أصول الاجتهاد والمذاهب الأربعة, مملوء بفوائد تتعلق بذلك.