للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب الله الذي بيَّن أن القضاء بعدلين أو رجل وامرأتين، فقال له الشافعي: أثبت عندك أنه لا تجوز الزيادة على كتاب الله بخبر الواحد؟ قال: نعم, قال له: فلم قلت: إن الوصية للوارث لا تجوز له -صلى الله عليه وسلم: "لا وصية لوارث" , وقد قال الله: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} ١، الآية، وأورد عليه أشياء من هذا القبيل فانقطع.

ثم إن الشافعي عاد إلى مكة واختلط بعلمائها, ومن يفد إليها من علماء الأقطار للحج, وفي سنة "١٩٥" خمس وتسعين ومائة عاد للعراق زمن الأمين, فأخذ عنه فيها ابن حنبل وغيره من علمائها، وهناك أملى كتبه التي عبَّر عنها بالقول القديم؛ لأنها كانت على مذهبه القديم، وأقام هناك سنتين.

ثم رجع إلى الحجاز, ثم في سنة "١٩٨" عاد إلى العراق, وبقي بعض أشهر, ومنه توجَّه إلى مصر, فنزل على عبد الله بن الحكم، وكان مذهب مالك منتشرًا هناك بين علماء مصر التي زهت بأصحاب مالك، مثل ابن وهب٢، وابن القاسم٣، وأشهب٤، وابن عبد الحكم٥، ونظرائهم.

فنشر مذهبه وأملى كتبه الجديدة التي يعبِّر عنها بالقول الجديد, وهو المذهب الذي تغيَّر إليه اجتهاده بمصر، وترك الشافعي عدة كتب تنسب إليه كالأم، والرسالة، وغيرهما.


١ البقرة: ١٨٠.
٢ عبد الله.
٣ عبد الرحمن بن القاسم العتقي، الديباج المذهب "١/ ٤٦٥".
٤ ابن عبد العزيز أبو عمر القيسي، الديباج "١/ ٣٠٧".
٥ عبد الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>