للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقصاص إلخ.

وهو باعتبار ما يتعلق بالعبادة علم ديني أخروي.

وباعتبار ما يتعلق بالمعاملات وفصل الخصومات دنيوي، فهو دنيوي باعتبار أخروي باعتبار١.

وإن كان الغزالي عدَّه دنيويًّا حيث قال: "فإن قلت: لم ألحقت الفقه بعلم الدنيا وألحق الفقهاء بعلماء الدنيا؟ فاعلم أن الله أخرج آدم من تراب، وأخرج ذريته من سلالة من طين ومن ماء دافق، فأخرجهم من الأصلاب إلى الأرحام, ومنها إلى الدنيا, ثم إلى القبر, ثم إلى العرض, ثم إلى الجنة أو الناء, فهذا مبدؤهم وهذه غايتهم، وهذه منازلهم, وخلق الدنيا زادًا للمعاد ليتناول منها ما يصلح للتزويد, فلو تناولوها بالعدل لانقطعت الخصومات وتعطل الفقهاء, ولكنهم تناولوها بالشهوات, فتولدت منها الخصومات, فمست الحاجة إلى سلطان يسوسهم, واحتاج السلطان إلى قانون يسوسهم به, والفقيه هو العالم بقانون السياسة وطريق التوسط بين الخلق إذا تنازعوا بحكم الشهوات, فكان الفقيه معلم السلطان ومرشده إلى طريق سياسة الخلق، وضبطهم لتنظيم باستقامتهم أمورهم في الدنيا.

ولعمري إنه متعلق أيضًا بالدنيا, ولكن لا بنفسه بل بواسطة, فإن الدنيا مزرعة للآخرة, ولا يتم الدين إلا بالدنيا، والملك والدين توأمان، فالدين أصل والسلطان حارس, وما لا أصل له فمهدوم، وما لا حارس له فضائع، ولا يتم الملك والضبط إلا بالسلطان، وطريق الضبط في فصل الخصومات بالفقه"٢.


١ ومردُّ ذلك لأساس العمل، وهو النية وقصد القلب.
٢ ذكره في إحياء علوم الدين في الباب الأول, عند كلامه على العلم الذي هو فرض كفاية. "ط الحلبي ١٣٥٨هـ" "ج١/ ٢٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>