المائة مجلد، بل المئات في مختلف العلوم تاريخيا وحديثا وفقها وغيرها، وما كانوا قبل ذلك قادرين على شيء من ذلك، لقلة المواد، فاختراع الكاغد مما أعان على ضخامة الفقه وعظمة تآليفه، والتوسع في أصوله وفروعه وخلافياته، ومما يتعلق بالآلة الموصلة إليه، كالحديث والنحو وغيرهما، وما دخلت صناعة الورق لأوروبا إلا بعد ذلك بقرون، فأول ما عرف بها في القرن الحادي عشر المسيحي الموافق للخامس الهجري، ولقد كان حدوث الطباعة أواسط القرن الخامس عشر المسيحي الموافق لأواسط القرن التاسع الهجري من أعظم العوامل على ترقية العلوم كافة في المعمور كله وانتشارها، ولقد سبقونا للمطبعة عند تأخرنا، كما سبقناهم للكاغد، فلم تستعمل الطباعة عندنا إلا بعدهم بأربعة قرون، لكن لا سبيل إلى الانتفاع بها لولا هذا الاختراع المهم الذي هو أعظم رقي قديم وحديث، فلولا الكاغد ما انتشرت الكتب والعلوم في الأقطار، ولا تبودلت الأفكار، فالفضل كل الفضل للفضل البرمكي، قالوا وكانت صناعة الكاغد معروفة في الصين قبل المسيح بسنين ١٧٠٠، لكن الصين كان مغلقا لم ينتفع غيره منه بشيء فالفضل في انتشار هذه الصناعة للإسلام والعرب، وقد انتشرت عندهم سريعا، وجعلوا له المعامل في بغداد والشام ومصر وفاس والأندلس في شاطبة وبلنسية وطليطلة، ومن الأندلس دخلت صناعته لأوروبا بعد ظهوره عند العرب بأحقاب ويوجد الآن في مكتبة ليدن كتاب "غريب الحديث" يظن أنه كتب أوائل القرن الثالث الهجري في الكاغد.