للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحكام.

ومن أصول داود الظاهري ما نص عليه في رسالة الأصول ونصها: الحكم بالقياس لا يجب، والقول بالاستحسان لا يجوز، ثم قال: ولا يجوز١ أن يحرم النبي -صلى الله عليه وسلم، فيحرم محرم غير ما حرم؛ لأنه يشبهه إلا أو يوقفنا على علة من أجلها وقع التحريم مثل أن يقول: حرمت الحنطة؛ لأنها مكيلة، واغسل هذا الثوب؛ لأن فيه دما، واقتل هذا لأنه أسود يفهم بهذا أن الذي أوجب الحكم من أجله هو ما وقف عليه، وما لم يكن كذلك، فالتعبد فيه ظاهر، وما جاوز ذلك، فمسكوت عنه، داخل في باب ما عفي عنه. ا. هـ. نقله في "الطبقات" فهو على هذا لا يسلم من القياس إلا ما كان منصوص العلة نصا صريحا على أن الذي يظهر من كلامه أنه مع النص على العلة لا يجب العمل به، وإنما يجوز فتأمل ذلك.

قال ابن السبكي: والذي صح عند الشيخ الإمام الوالد أنه لا ينكر القياس الجلي، وإن نقل إنكاره عنه ناقلون، وإنما ينكر الخفي منه، ومنكر القياس مطلقا الخفي والجلي طائفة من أصحابه زعيمهم ابن حزم، وفي الاعتداد بخلاف الظاهرية في الفروع.

ثالثها: ما لا يخالف القياس الجلي انظر الطبقات غير أن ما نقله عن والده ليس هو أول من قاله، بل وجدت نحوه للغزالي في "المستصفى"، ونصه: فلا يظن بالظاهري المنكر القياس إنكار المعلوم والمقطوع به من هذه الإلحاقات، لكن لعله ينكر المظنون منه، ويقول: ما علم قطعا أنه لا مدخل له في التأثير، فهو كاختلاف الزمان والمكان، والسواد والبياض، والطول والقصر، فيجب حذفه


١ مراده بهذه الجملة المنع من قياس الشبه بمعنى أنه إذا ورد نص بتحريم الحمر الأنسية فلا يجوز لنا أن نقيس عليها بتحريم البغال لشبهها بها إلا أن يوقفنا على العلة التي من أجلها وقع تحريم الخمر بأن تكون العلة منصوصة نصا صريحا، فهو يقر بالقياس في الجملة، ولكن لا يثبت من مسالكه إلا مسلك النص دون الإيماء أو المناسبة أو الشبه مثلا هذا حاصل كلامه وعلى هذا فمن نسب إليه القول بنفي القياس مطلقا لم يصب، وكذا من قال: إنه يقول بقياس الأحرى. ا. هـ. "مؤلف".

<<  <  ج: ص:  >  >>