للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أين يفهم وجوب الدم على من قطع من جسده ثلاث شعرات من قوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} ١.

ومن أين تدل الآية على ذلك، ومن أين يستفاد من قوله عليه السلام: "الولد للفراش" ٢ أنه لو قال له الولي بحضرة الحاكم: زوجتك ابنتي وهو بأقصى الشرق وهي بأقصى الغرب، فقال: قبلت هذا التزويج وهي طالق ثلاثا، ثم جاءت بولد لأكثر من ستة أشهر أنه ابنه، وقد صارت فراشا بمجرد قوله: قبلت ومع هذا لو كانت له أمة يطؤها ليلا ونهارا لم تكن فراشا له، ولو أتت بولد، لم يلحقه إلا أن يدعيه ويستلحقه مع أن حديث "الولد للفراش" ورد في الأمة.

ومن أن يفهم من قوله عليه السلام: "ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن لم يكن له مخرج فخلوا سبيله فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة" ٣ أن من عقد على أمه أو ابنته أو أخته ووطئها، فلا حد عليه، وأنه في معنى الشبهة التي تدرأ الحد وهي الشبهة في المحل، أو الفاعل، أو الاعتقاد، ولو عرض هذا على فهم من عرض عليه من العالمين، لم يفهمه من هذا اللفظ بوجه من الوجوه، وأن من يطأ خالته أو عمته بملك اليمين، فلا حد عليه مع علمه بأنها خالته أو عمته وبتحريم الله لذلك، ويفهم هذا كله من "ادرءوا الحدود بالشبهات".


١ سورة البقرة الآية: ١٩٦.
٢ رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
٣ رواه ابن ماجه "٣٥٤٥" بلفظ "ادفعوا الحدود عن عباد الله ما وجدتم لها مدفعا"، وفي سنده إبراهيم بن الفضل المخزومي وهو ضعيف أما في الكتاب فرواية الترمذي "١٤٢٤" من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، ثم قال الترمذي: لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث محمد بن ربيعة عن يزيدن بن زياد. ويزيد ضعيف وأسند في العلل عن البخاري: يزيد منكر الحديث ذاهب، وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي به، قال: والموقوف أقرب إلى الصواب، انظر فتح القدير شرح الهداية "٤-١١٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>