الله والحسن ابني محمد بن الحنفية عن أبيهما عن علي كرم الله وجهه "أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أنادي بالنهي عن المتعة وتحريمها بعد أن كان أمر بها، فالتفت إلينا المأمون، وقال: أمحفوظ هذا من حديث الزهري؟ فقلنا: نعم رواه جماعة منهم مالك بن أنس، فقال: أستغفر الله، نادوا بتحريم المتعة، فنادوا بها.
قال أبو إسحاق وإسماعيل بن حماد القاضي: كان يحيى بن أكثم يوم في الإسلام لمن يكن لأحد مثله، وذكر هذا اليوم.
وكانت كتب يحيى في الفقه أجل كتب، فتركها الناس لطولها وله كتب في الأصول، وله كتاب أورده على العراقيين سماه "التنبيه"، وبينه وبين داود الظاهري مناظرات كثيرة، وكان يحيى من أدهى الناس، وأخبرهم بالأمور، ولا يعلم أحد غلب على سلطانه في زمانه إلا يحيى بن أكثم وأحمد بن أبي داود حتى لم يتقدمها أحد عنده، وكان المأمون ممن برع في العلوم، فعرف حال يحيى وعلمه وعقله ما أخذ بمجامع قلبه حتى قلده قضاة القضاء، وتدبير أهل مملكته، فكانت الوزراء لا تعمل في تدبير الملك شيئا إلا بعد مطالعة يحيى.
قيل: إن المأمون استوزره، وقيل: إنما كان مستشارا، وقد قاد له الجيوش، وغزا معه الروم، فهو فقيه وقائد ووزير وقاض.
سئل بعض البلغاء عنه وعن ابن أبي داود؟ فقال: إن يحيى يهزل مع خصمه وعدوه، وابن أبي داود يجد مع ابنته وجاريته، ولم يقل يحيى بخلق القرآن، ولا بشيء من هوس المعتزلة.
ولما ولي قضاء البصرة كان ابن عشرين سنة، فجاء بعضهم إليه وقال: كم سن القاضي؟ فأجاب بديهة: ولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عتاب بن أسيد مكة أصغر مني، وأنا أكبر من معاذ لما وجهه إلى اليمن، ومن كعب بن سوار لما وجهه عمر قاضيا على البصرة، فكان جوابا وحجة، وولي قضاء مصر لما قدمها مع المأمون ثلاثة أيام وقد سخطه آخر عمره، وأوصى أخاه أن لا يركن إليه ولا يستوزره، وكان وجهه من مصر مغضوبا عليه كما في "مروج الذهب"، ولكن تولى قضاء