الحجة الذي كان يتوقد ذكاء، الورع التقي الكبير الشأن عديم النظير، المجمع على فضله وثقته وحفظه من الرأي العام الإسلامي من زمنه إلى الآن.
له رحلتان من خراسان إلى العراق والجزيرة والحجاز والشام وإلى مصر، كتب عن أكثر من ألف شيخ من نخبة علماء وقته. لقي مكي بن إبراهيم بخراسان، وأبا عاصم النبيل بالبصرة، وعبد الله بن موسى بالكوفة والمقرئ بمكة، والفريابي بالشام، وأحمد بن صالح بمصر.
وألف الجامع الصحيح الذي لا يحتاج في التنويه به إلى الزيادة على أكثر من ذكر اسمه الذي هو أعظم مواد الفقه، الحاوي لنفائس دقائقه، وبديع فلسفته، وبارع استنباطه، وأغزر موارده تفريقا وتأصيلا، انتخبه من زهاء ستمائة ألف حديث، فكان نحو ألفين وخمسمائة فقط، كلها مسندة متصلة دون ما فيه من التعاليق، وأقوال السلف وغيرها، وقد رواه عنه في حياته نحو تسعين ألفا من علماء الأقطار المتنائية.
أما ثناء العلماء عليه، وذكر مناقبه، فشيء كثير، وقد خصت بتآليف كيف لا وهو مفخرة من مفاخر الإسلام، وجامعه حجة الله في الأنام، اتفقت الأمة أنه أصح كتب الدين الإسلامي من بعد المصحف الكريم لا يقدم عليه أي كتاب غيره للثقة العامة الحاصلة بصاحبه.
قال فيه شيخه أحمد بن حنبل: هو فقيه هذه الأمة، توفي سنة "٢٥٦" ست وخمسين ومائتين عن اثنين وستين سنة، وله تآليف عظام في التاريخ وغيره لا زالت حجة ومفخرة على مر الأيام منذ اثني عشر قرنا لم يتبدل فكر الأمة فيها.
٣٣٦- أبو عبد الله الزبير بن بكار الأسدي ١: قاضي مكة
١ أبو عبد الله الزبير بن بكار الأسدي: ترجمته في تاريخ بغداد "٨/ ٤٦٧"، ووفيات الأعيان "٢/ ٣١١، ٣١٢"، وفي مقدمة الأستاذ محمود شاكر لجمهرة نسب قريش ترجمة واسعة له.