للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة ٣٤٠ أربعين وثلاثمائة، ولم يتول قضاءها أحد تولى قضاء بغداد غيره وغير يحيى بن أكثم اعتنى به أبوه في صغره، فسمع من عبد الله ابن الإمام أحمد وعلي بن محمد السمار وغيرهما.

وقال عن نفسه: إني كتبت العلم بيدي ولي تسع سنين، وسمع منه عامة أهل مصر، والحافظ الدارقطني، وأبو شامة الهروي، وخلائق. كان ثقة كثير السماع جليلا في الحديث والقضاء متفننا في علوم، وكان يذهب إلى قول مالك، ألف كتابا أجاب فيه عن مسائل مختصر المزني على مذهب مالك، وربما اختار خلافه كعدم الحكم بالشاهد واليمين، ويحكى أن أباه وإسماعيل القاضي كانا مالكيين، ولا يحكمان به.

ومما استحسن من كلامه أنه تلقى الخليفة المعز العبيدي ثم الفاطمي بالإسكندرية، وكان معه قاضيه النعمان بن محمد، فسأله المعز: كم رأيت من خليفة؟ قال: واحد فقال: ومن هو؟ قال: أنت والباقي كلهم ملوك، ثم قال له: أحججت؟ قال: نعم، قال: وزرت؟ قال: نعم، قال: سلمت على الشيخين، قال شلغني عنهما النبي -صلى الله عليه وسلم، كما شغلني أمير المؤمنين عن ولي عهده، فأرضى الخليفة وتخلص من ولي عهده؛ إذ كان لم يسلم عليه بحضرة الخليفة، فازداد الخليفة به عجبا، وخلع عليه، وأبقاه على ولايته التي كان ولاه إياه جوهر الكاتب، وأجازه بعشر آلاف درهم، وأقام قاضيا بها ست عشرة سنة، لكن أشرك معه أبا الحسن علي بن أبي حنيفة بن حيون القيرواني كما سبق.

ولد سنة تسع وسبعين ومائتين وهي سنة النجباء التي ولد بها جعفر بن الفرات، والحسن بن القاسم بن عبيد الله وغيرهما. توفي سنة ٣٦٧ سبع وستين وثلاثمائة، ومن قصته هذه تعلم أخلاق القضاة في ذلك الزمان، وما كانوا يقاسونه في الضغط على الفكر من الأمراء الجائرين، وكيف يتخلصون.

<<  <  ج: ص:  >  >>