للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحكامه، أقام الحدود القتل فما دونه. ومن ورعه لم يثبت أنه عامل أحدا بفاس، بل كان القمح يأتيه من بلده هوارة، والإدام يشترى له من مكناسة، وامرأته تغزل ثيابه، ولم يوجد في تركته سوى حصير الصلاة وإناء الوضوء ومصحف التلاوة.

وفي "الأنيس" أنه توفي سنة إحدى وأربعمائة ٤٠١ رحمه الله. وإني لأعده من المجددين على رأس المائة بقطره.

٤٣٤- أبو عمر أحمد بن عبد الملك المعروف بابن المكوي ١:

الإشبيلي، مولى بني أمية شيخ الأندلس في وقته حتى صار فيها بمنزلة يحيى بن يحيى، واعتلى على الفقهاء، ونفذت الأحكام برأيه، لا يداهن السلطان، ولا يدع قول الحق، القريب والبعيد عنده سواء.

استفتاه ابن أبي عامر في قتل عبد الملك بن منذر البلوطي مستظهرا بكتاب بخط يده دال على مؤامرة على قتله، وأفتى بعض الفقهاء بالقتل، فقال ابن المكوي: رجل هم بسيئة ولم يعملها، ولم يجرد سيفا ولا أخاف سبيلا مع أنه ممن قال فيهم عليه السلام: "اقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم" ٢ فلا أرى عليه شيئا ولما صلبه المنصور بن أبي عامر، انقبض ابن المكوي بداره شهرين عن الفتوى إنكارا لما جرى.

كان أحفظ الناس لقول مالك وأصحابه، وهو الذي جمع للحكم مع أبي


١ أبو عمر أحمد بن عبد الملك المعروف بابن المكوي الإشبيلي: سير أعلام النبلاء "١١/ ٤٦"، وجذوة المقتبس "١٢٣"، والديباج المذهب "٣٩"، وشذرات الذهب "٣/ ١٦١".
٢ أخرجه أحمد "٦/ ١٨١"، وأبو داود "٤٣٧٥"، والطحاوي في "مشكل الآثار" "٣/ ١٢٩" عن عائشة، وأخرجه من طريق آخر البخاري في الأدب المفرد ص"٤٥٦"، وابن حبان "١٥٢٠"، وله شاهد من حديث ابن مسعود عند الخطيب في تاريخ بغداد "١٠/ ٨٥، ٨٦"، وأبي نعيم في "تاريخ أصبهان" "٢/ ٢٣٤"، وآخر من حديث ابن عمر عند السهمي في تاريخ جرجان ص"١٢٢"، فالحديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>