وتقدم أن ابن سحنون أول من ألف فيه من المالكية قبله، وعنه انتشر فقه الشافعي بما وراء النهر. سمع من عبد الله المدائني، وابن خزيمة، وابن جرير الطبري، وأبي القاسم البغوي، وروى عنه ابن منده والحليمي كان معتزليا أولا، ثم صار سنيا أشعريا.
توفي سنة ٣٣٦ ست وثلاثن وثلاثمائة والإمام الشاشي هو الذي أجاب عن القصيدة التي وردت من نقفور عظيم الروم بالقسطنطينية التي قول في أولها:
من الملك الطهر المسيحي رسالة ... إلى قائم بالملك من آل هاشم
إلى أن قال:
ملكنا عليكم حين جار قويكم ... وعاملتكم بالمنكرات العظائم
قضاتكم باعوا جهارا قضاءهم ... كبيع ابن يعقوب ببخس دراهم
شيوخكم بالزور طرا تشاهدوا ... وبالبز والبرطيل في كل عالم
فأجاب القفال بقصيدة فاخرة من أحسن ما يرد به، وقال مجيبا على القول المذكور:
وفي ذاك إقرار بصحة ديننا ... وأنا ظلمنا فابتلينا بظالم
فانظر القصيدة الأصلية وجوابها في "الطبقات" السبكية ففيها عبرة، وبها تعلم ما كان الإسلام مبتلى به في القرن المذكور من الرشا والظلم والزور، وبيع المناصب، فإن الشاشي ما أجاب بالمنع، بل بالتسليم والاعتراف الصريح، وبتأملها تعلم ما كان الروم متصفين به من الغلظة وما كانوا المسلمون موصوفين به من الإنسانية وصدق اللهجة في تلك القرون.