أن لا يترك ما هو أهم منه من فروض العين أو فروض الكفاية؛ إذ الفروض الكفائية تتفاوت بحسب حاجة الأمة إليها.
وأن يكون مجتهدا مطلقا حرا في فكره بحيث إذا ظهر له الحق، اتبعه أما إذا كان مقيدا بمذهب من المذاهب لا يخرج عنه، فلا فائدة فيه، وصار كالعبث، بل وبالا؛ لأنه يطلع على الحق، ولا يقدر أن يتبعه، ولكن هذا الشرط ليس بمسلم، فقد يعمل في خاصة نفسه إذا كان لا يقدر ألا يفتي للناس به.
وتقدم أن أحمد بن ميسر كان يقول في فتواه: إن الذي أذهب إليه كذا، وإن مذهب أهل بلدنا كذا؛ لأنهم مقيدون في الفتوى والحكم بمذهب معين لضياع الثقة، وظهور الرشا، فلم يكونوا يجعلون للحاكم أو المفتي حرية الاجتهاد؛ إذ ربما يجعلها في قضاء غرضه.
الشرط الثالث: أن يناظر في مسألة واقعة أو قريبة الوقوع لا نادرة، ولا يشتغل بما لا يقع ويترك ما يقع.
الرابع: أن تكون المناظرة في الخلوة أحب إليه، ولكنهم بالعكس، فإنهم في الخلوة لا يتناظرون وإنما تكون مناظرتهم أمام الملوك، وفي المجامع لتحصيل الشهرة ومعلوم ما في ذلك.
الخامس: أن يكون قصده طلب حق ولو على لسان خصمه، فيتبعه ويجازيه ولا يماريه، ولا يخاتله، وأن لا يمنعه من الانتقال من دليل إلى دليل أوضح منه أو قوي، بل يعينه.
السادس: أن يناظر من يتوقع منه الاستفادة. وقد ذكر الغزالي أن جل تلك الشروط كانت مفقودة في زمنه وعند الناس الذين أدركهم وفيما يقرب منه، فكيف بزماننا. وهذا أمر يقع كثيرا في العراق وفيما وراء النهر بين الحنفية والشافعية.
الأمر الثالث: أنه في القرن الرابع بدأت فكرة الاختصار والإكثار من جمع