الدارقطني، وسنن البيهقي في الصلاة وما يتعلق بها على نحو الأحاديث التي جمعها ابن تومرت في الطهارة، فأجابوه لذلك، وجمعوا ما أمرهم بجمعه، فكان يمليه على الناس بنفسه، ويأخذهم بحفظه، وانتشر هذا المجموع في جميع المغرب، وحفظه الناس من العوام والخاصة، فكان يجعل الجعل السني من الكساء والأموال، وكان قصده في الجملة محو مذهب مالك من المغرب جملة واحدة، وحمل الناس على الظاهر من الكتاب والسنة، وهذا المقصد بعينه كان مقصد أبيه وجده إلا أنهما لم يظهراه، وأظهره يعقوب هذا، يشهد لذلك عندي ما أخبرني به غير واحد ممن لقي أبا بكر بن الجد أخبرهم قال: لما دخلت على أمير المؤمنين يعقوب أول دخلة دخلتها عليه، وجدت بين يديه كتاب ابن يونس، فقال لي: يا أبا بكر أنا أنظر في هذه الآراء المشعبة التي أحذثت في دين الله أرأيت يا أبا بكر المسألة فيها أربعة أقوال أو خمسة أو أكثر، فأي هذه الأقوال هو الحق، وأيها يجب أن يأخذ به المقلد، فافتتحت أبين له ما أشكل عليه من ذلك، فقال لي وقطع كلامي: يا أبا بكر ليس إلا هذا وأشار إلى المصحف، أو هذا وأشار إلى سنن أبي داود عن يمينه، أو السيف، فظهر في أيامه ما خفي في أيام أبيه وجده، ونال عنده طلبة الحديث ما لم ينالوه في أيام أبيه وجده. ا. هـ.
وقال ابن خلكان: أمر يعقوب المنصور الموحدي برفض فروع الفقه، وأحرق كتب المذهب وأن الفقهاء لا يفتون إلا من الكتاب والسنة النبوية، ولا يقلدون أحدا من الأئمة المجتهدين، بل تكون أحكامهم بما يؤدي إليه اجتهادهم من استنباط القضايا من الكتاب والحديث والإجماع والقياس، قال: ولقد أدركنا جماعة من مشايخ المغرب وصلوا إلينا وهم على ذلك الطريق مثل أبي الخطاب١
١ أبو الخطاب هو عمر بن الحسن بن علي يرفع نسبه إلى دحية الكلبي الصحابي الجليل وبقية النسب في ابن خلكان قال: إنه من بلنسية من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء أتقن فن الحديث وما يتعلق به من اللغة وأيام العرب وأشعارها، طلب الحديث في بلده الأندلس، ورحل منها إلى مراكش وأفريقيا والشام والعراق وخراسان وفازندران وأصبهان ونيسابور وهو في كل ذلك يطلب الحديث، ويؤخذ عنه، وقدم أربل سنة ٦٠٤، فوجد مظفر الدين الملك المعظم صاحبها يحتفل للمولد، فعمل له كتابا سماه "التنوير في مولد السراج المنير" وهو أول ما ألف في الباب، ودفع له الملك ألف دينار، وله عدة تصانيف، وتوفي بالقاهرة=