للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدونة يوما من القيروان، فأملاها من حفظه. وكان له ورع شديد، فما كان يأكل ما فيه شبهة، ولما هجم العرب، وخربوا القيروان، واختلطت الأموال بالحرام، ترك أكل اللحم إلا من وحش، واحتذاء النعل إلا من جلد وحش، والكتابة والفتوى إلا في رق وحش، أورق قديم كذا ذكر في "معالم الإيمان" وهذا يدل على عدم وجود الكاغد إذ ذاك مع أنه اخترع في المشرق أيام الرشيد قبل ذلك فعله لم يكن يوجد في أفريقيا لقلة المواصلة، ولهذا لم يعرف له تأليف، وإنما يوجد كراسة تعليق على المدونة، وأما التعليق المنسوب إليه عليها، فإنما كتبه أصحابه عن درسه، ونسبوه إليه، وقد خالف مالكا في بعض المسائل اجتهادا منه.

منها جنسية القمح والشعير ألقى يوما لسنور لقمتين إحداهما: قمح، والأخرى: شعير، فشم الشعير وتركها، وأكل القمح، فقال: عجبا حتى الحيوان فرق بين الجنسين، وخالفه في التدمية إذ لم يذكر فيها أثر دم أو قيء، فلم يعول عليها. وقال بخيار المجلس لما قام عنده من الأدلة على رجحان قول المخالف، فحلف بالمشي إلا مكة أن لا يفتي بقول مالك فيها جميعا. توفي سنة ستين وأربعمائة.

٥٧١- أبو عمر أحمد بن محمد بن القطان ١:

مفتي قرطبة دارت الفتيا عليه وعلى ابن عتاب، كان متفننا فقيها نظارا أحفظ الناس للمدونة والمستخرجة، وأبصر الناس بالتهدي إلى مكنونهما، قائما بتغيير المنكر، وكسر آلات اللهو. وتوفي بباجة سنة ٤٦٠ ستين وأربعمائة.

٥٧٢- أبو عبد الله محمد بن عتاب ٢:

شيخ المفتين بقرطبة الإمام الجليل، المتصرف في كل باب من أبواب العلم،


١ أبو عمر أحمد بن محمد بن القطان مفتي قرطبة: شذرات الذهب "٣/ ٣٠٨".
٢ أبو عبد الله محمد بن عتاب: أبو عبد الله، الجزامي الأندلسي، توفي سنة ٤٠٢: سير النبلاء "١٨/ ٣٢٨"، نسيم الرياض، المعين ص"١٤٦٥"، الوافي بالوفيات "٤/ ٧٩"، العبر "٣/ ٢٥٠"، بغية الملتمس ص"١١٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>