الشهير بلبلة، فحظى عبد الحق بإقبال الخلق على أحكامه دونه، وقد تعقب عليه بعض أحاديثه حافظ المغرب أبو الحسن بن القطان بكتاب سماه "الوهم والإيهام" ولكن رد عليه كثيرا منها ابن المواق، ولعبد الحق كتب كثيرة؛ إذ كان محظوظا في التأليف، مبارك له فيه، فله كتاب تعقب فيه على تهذيب البراذعي أشياء أحالها في الاختصار عن معناها، وله كتب كثيرة في الحديث يطول سردها. انظرها في "الديباج".
وعلى كل حال هو من الطبقة العليا في التصنيف المفيد، وأحكامه من الكتب التي ينبغي طبعها، ولا تغني عنها المصابيح ولا المشكاة، ولا ما ألف بعدهما، وقد ظفرت بنحو النصف من أول أحكامه وأظنها الوسطى بلغت إلى وسط كتاب الجهاد كتبت بإتقان، وتصحيح متين بخط مشرقي في سفر ضخم ذكر كاتبها آخرها أنها كملت عام ٧٣٧ سبع وثلاثين وسبعمائة، وأن السفر الذي يليها أوله باب في التحصر وحفير الخندق، ولو ظفرت بالنصف الثاني لطبعتها. ولعله في الخزانة الخديوية بمصر، وعثرت على بعض أجزاء الصغرى في مكتبة مراكش الحبسية، وله كتب في الوعظ وآخر في اللغة معهم، وفي الأنساب وغيرها من الفنون.
تولى القضاء لبني غانية في بجاية، ونالته محنة بعد احتلال الموحدين لها، وعصمه الله منهم؛ إذ كان المنصور نذر دمه فتوفى سنة ٥٨٢ اثنين وثمانين وخمسمائة كما كان مرقوما على رخامة قبره، وشاهده صاحب "عنوان الدارية" عن سن يبلغ اثنين وسبعين رحمه الله. وأشهر من يسمى عبد الحق في المالكية المغاربة من أهل هذه الطبقة هذا لاشتهار كتبه وخصوصا الأحكام فإذا أطلق هذا الاسم، فإليه ينصرف، وتقدم لنا عبد الحق بن محمد بن هارون الصقلي، وهناك عبد الحق آخر أقل شهرة منهما، وهو عبد الحق بن غالب المحاربي الغرناطي وتقدم.
٥٩٥- أحمد بن محمد بن أحمد الهلالي الشهير بابن المناصف الغرناطي: يكنى أبا جعفر توفي سنة ٥٨٥ خمس وثمانين وخمسمائة.