للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إتقان بدليل مصنفاته السائرة فيها سير الشعاع ككافيته في النحو، وشافيته في الصرف، وألف في القراءات والعروض وغيرها، والمختصرين له في الأصول، وبرع في مذهب مالك، وصنف فيه مختصره الشهير الذي نسخ ما تقدمه، وشغل دورا مهما وأقبل عليه الناس شرقا وغربا حفظا وشرحا إلى أن ظهر مختصر خليل، وأثنوا عليه ثناء جما منهم نصار الدين المشذالي البجائي، فهو أول من أدخله للمغرب، ورغبهم فيه، فشرحه ثلاثة من أعلام التونسيين في عصر واحد، وهم ابن راشد القفصي، وابن عبد السلام وابن هارون، لكن الأول هو الشارح الحقيقي على أنه استعان بابن دقيق العيد؛ لأنه شيخه، أما الأخيران، فإنما سارا في ضوء نبراسه، لكن أتقن بالشرح شرح ابن السلام الهواري، ثم شرحه بقرب التاريخ الشيخ خليل بمصر مستعينا بابن عبد السلام وصنيع ابن الحاجب في التأليف الذي هو الاختصار وتنافس فيه من بعده، واستحسنوه هو الذي كان سببا في هرم العلوم العربية التعقيد، وتطويل الشروح، وضياع وقت الطالب في المسألة الواحدة زمنا طويلا، ويأتي مزيد بسط لذلك.

وابن الحاجب هو الذي مزج النحو بعلم البيان والمعقول، فزاد صعوبة أيضا، وكان حجة ثبتا ورعا ذا أخلاق عالية، ركنا من أركان العلم والعمل. توفي سنة ٦٤٦ ست وأربعين وستمائة.

٦٠٦- أبو محمد صالح الهسكوري ١:

من أهل فاس بيتهم بيت صلاح وجلالة يضرب به المثل في العدالة، وبه مثل ابن عرفة للمبرز فيها لمزيد شهرته علما ودينا، أخذ عنه أبو الفضل راشد الوليدي وأبو إبراهيم الأعرج الورياغلي صاحب الطرر على المدونة وغيرهما. كان شيخ المغرب علما وعملا، له تقييد على الرسالة توفي سنة ٦٥٣ ثلاث وخمسين وستمائة، ودفن بفاس وليس هو دفين آسفي، فإن هذا قرشي مخزومي، وقيل: أموي صميم أو مولى، وقيل: دكالي ماجري. ترجمة حفيده صاحب المنهج الواضح في تحقيق كرامات أبي محمد صالح، فالأول من رجال


١ أبو محمد صالح الهسكوري من أهل فاسي: أبو محمد، تنقيح المقال "٥٦٥٣"، جامع الرواة "١/ ٤٠٤"، دائرة الأعلمي "٢٠/ ١٥٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>