للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦١٩- أبو القاسم القاسم بن أبي بكر اليمني التونسي ١:

عرف بابن زيتون مفتي أفريقية والمنظور إليه بها وقطب أصولها وفروعها المرجوع إليه في أحكامها غير مدافع ولا منازع، كلامه كلام ممارس للعلم غير هيوب ولا فرق، طلبه شرقا وغربا وخدمه من لدن شب إلى أن دب، غلبت عليه المسائل، فشغلته عن الرواية، أي الإكثار منها، وإلا فقد ذكر ابن مرزوق وغيره أنه ممن أدرك رتبة الاجتهاد. توفي سنة ٧٠٣ ثلاث وسبعمائة.

٦٢٠- أبو الربيع سليمان الونشريسي ٢:

الفاسي الإمام المقرئ بجامع الأندلس منها كان يقرأ "التفريع" لابن الجلاب و"المدونة" يقوم عليهما أتم قيام، ومن جملة من يحضر مجالسه الإمام خلف الله المجاصي الذي كان يحفظ المقدمات والتحصيل والبيان لابن رشد، وفي بعض دروس الشيخ سليمان نسب مسألة من المسح على الخفين لابن رشد من التقييد والتقسيم، فقال خلف الله: والله ما قال هذا ابن رشد قط. ولحسن خلق الشيخ ما غضب ولا أحمر، بل نزل عن كرسيه وهو يقول: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحق القيوم، وترك القراءة يومين، وفي اليوم الثالث اجتمع عليه طلبته، وكانوا كل يوم يجتمعون، ويتركون الكلام في ذلك إعظاما له، فقال لخلف الله: يا أبا سعيد تكذبني في النقل نصحتك أعواما كثيرة فما جزائي إلا هذا، فقال: يا سيدي إن ابن رشد ما تكلم على الخفين في مقدماته، ولا ذكر ذلك في بيانه، فأخذ الشيخ الجزء الذي وسمه ابن رشد بالتقييد والتقسيم، ودفعه إليه حتى رأى فيه ما نقله عنه، فقبل حينئذ يده، واعتذر، فقبل عذره. فانظر كيف كان فقهاء المغرب وأخلاقهم توفي سنة ٧٠٥ خمس وسبعمائة.


١ أبو القاسم بن أبي بكر اليمني التونسي: عنوان الدراية "٥٦".
٢ أبو الربيع سليمان الونشريسي الفاسي: أبو الربيع، الجرح والتعديل "٤/ ٦٦١/ ٦٦٢"، التاريخ الكبير "٩/ ٣٨"، نيل الابتهاج "١١٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>