للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد أوتي خيرا كثيرا، وعليها اعتمد من أتى بعده من أصحاب الفهارس الممتعة، وله الجمع بين الكتب الخمسة والموطأ على طريق ابن الأثير إلا أنه استوعب الروايات ومختصر التحرير لابن الهمام في أصول الحنفية وشرحه، ومختصر تلخيص المفتاح وشرحه، ومختصر في الهيئة، وحاشية التسهيل، وحاشية التوضيح، وجدول جمع فيه العروض، ومنظومة في الميقات وشرحها، واخترع كرة فلكية عظيمة فاقت السكرة القديمة، وقد أشبع القول في وصفها أبو سالم العياشي في رحلته، وأعجب باختراعها، وذكر بعض رسالة المترجم في كيفية العمل بها، وما هو مصور فيها من الدوائر والرسوم.

وذكر أنه كان صناعا يتقن عدة صنائع بيده يتقوت منها، فلا يأكل إلا الحلال كالطرز العجيب والتسفير والخرازة والصياغة وجبر قوارير الزجاج المكسرة، وعمل الإسطرلاب وغيرها، وله في علوم الأدب النهاية، وكان في المنطق والحكمة والطبيعي والإلاهي الأستاذ الذي لا تنال مرتبته بالاكتساب، ويتقن الرياضيات كإقليدس والهيئة والمجسطي والمخروطات والمتوسطات وأنواع الحساب والمقابلة والإرتماطيقي وطريق الخطأين والموسيقى والمساحة معرفة لا يشاركه فيها أحد إلا في ظواهرها دون الدقائق والحقائق، وله في التفسير وأسماء الرجال والعربية يد طولى مع حفظ التواريخ وأيام العرب وأشعارهم والمحاضرات، وكان في الرمل والأوفاق وعلم سر الحرف والسيميا والكيميا حاذقا أتم الحذق، وحصل له في الحرمين شهرة عظيمة حتى عد إمامهما ومع ذلك نفس عليه أمير مكة، فأخرجه منها إلى المدينة المنورة ثم أخرج منها أيضا للشام وبها توفي سنة ١٠٩٤ أربع وتسعين وألف ورثاه علماء وقته. انظر الخلاصة والصفوة ورحلة العياشي.

ومن فتاويه التي شذ فيها أن مصنوعات الصوف التي تجلب من الروم جوخا رائقا شبيها بالحرير في نعومته نجس لا تصح به الصلاة، وهو لباس علماء المشرق إذ ذاك محتجا بأنه استيقن الخبر من أهل البلد المجلوب منه أنه منتوف من الغنم وهي حية، وأن ذلك سبب نعومته وحسن لونه، فيكون نجسا، وراجعه علماء

<<  <  ج: ص:  >  >>