للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٧٦- الأمير أبو عبد الله سيدي محمد بن عبد الله بن إسماعيل ١:

العلوي سلطان المغرب الأقصى، عالم السلاطين، وسلطان العلماء في وقته، إمام جليل، وجهبذ نبيل، أحيا من العلم مآثره، وجدد الدولة العلوية بعد أن كانت داثرة، جال بنفسه في المغرب، وتقرى قبائله، وعرف دخائله، وأيقن أن الدين قد كان أن يذهب من أهله باستيلاء الجهل على بطونه وقبائله، فألف لهم تأليفه على نسق رسالة ابن أبي زيد تسهيلا على العوام، ليصلوا من ضروريات دينهم إلى المرام، وهي عندي موجودة ومن ذخائري معدودة.

كما ألف بغية ذوي البصائر والألباب في الدرر المنتخبة من تأليف الإمام الحطاب، وله كتاب في الفقه مبسوط أيضا، وكتاب حديثي انتقى فيه من الأحاديث التي أخرجها الأئمة الأربعة في٢ مسانديهم مالك أبو حنيفة الشافعي أحمد بن حنبل، ولم يستوعب كل ما فيها، وإنما اختار منها ومن الصحيحين والموطأ ما ظهر له من الأحاديث المتعلقة بالأحكام غالبا، فكان مجلدا متوسطا، وقال: إنه أول من أدخل المسانيد الأربعة للمغرب من الحرم الشريف يعني ما عدا الموطأ، وافتتحه بعقيدة رسالة ابن أبي زيد، وأتى بنخبة مما اتفق عليه الصحيحان، وخاتمه بمناقب آل البيت والخلفاء الراشدين وبقية العشرة، فذلك دليل ما كان له من الاعتناء بإحياء مراسم الدين وسنة جده سيد المرسلين مع ما كان عليه من حفظ الأوطان وتأييد علم الإيمان، كفتحه ثغر الجديدة، وتشييده ثغر السويرة، وسد الثغور، وإظهار الدولة في مظهر العز، وعدم الاتكال على الغرور.

وبالجملة، فقد كان من درر هذه الدولة الفاخرة وأنجمها الزاهرة، وقد كان سلفي العقيدة على مذهب الحنابلة، كما صرح بذلك في تآليفه، وغير خفي أن


١ الأمير أبو عبد الله سيدي محمد بن عبد الله بن إسماعيل العلوي سلطان المغرب: الاستقصا "٤/ ٩١، ١٢٢".
٢ مسند مالك قال في "كشف الظنون" هو للإمام النسائي، وتقدم ما يتعلق بمسند أبي حنيفة والشافعي في ترجمتيهما. ا. هـ. مؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>