سنة ثلاث وثلاثمائة، فقال: توحشنا مفارقتك يا أبا علي، وقد رحلت وأدركت الأسانيد العالية وتقدّمت في حفظ الحديث، ولنا فيك فائدة وأنس، فلو أقمت؟ فما زلت به حتى أذن لي. فخرجت إلى الريّ وبها علي بن الحسن بن سلم الأصبهاني، وكان من أحفظ مشايخنا وأثبتهم وأكثرهم فائدة، فأفادني عن إبراهيم بن يوسف الهسنجاني وغيره من مشايخ الري ما لم أكن أهتدي أنا إليه.
[ب ك] وقال: دخلت بغداد وجعفر الفريابي حيّ، وقد أمسك عن التحديث، ودخلت عليه غير مرة وبكيت (١) بين يديه، وكنا ننظر إليه حسرة، ومات وأنا ببغداد سنة أربع وثلاثمائة، وصلَّيت على جنازته.
[ب] وقال: واأسفي على حديث سليمان التيمي عن أبي قلابة عن أنس! وكان يقول: وفيما ذكر الفريابي.
[ب] ثم قال: ولما فاتني ما فات من الفريابي تركت بغداد وخرجت إلى الأنبار، وكتبت حديث بهلول بن إسحاق وأحاديث ابن أبي أويس وسعيد بن منصور وغيرهم، ثم انصرفت إلى بغداد وأقبلت على السماع من ابن ناجية وقاسم والصوفي، ولزمت أبا خليفة - يعني بالبصرة - حتى سمعت حديثه عن آخره إلا الأخبار وما لم أجد السبيل إلى سماعه.
[ب ك بلد] انصرف أبو علي من مصر إلى بيت المقدس، ثم حجَّ حجَّة أخرى، ثم انصرف إلى بيت المقدس، وانصرف على طريق الشام إلى بغداد، وهو باقعة في الحفظ لا يطيق مذاكرته أحد، ثم انصرف إلى خراسان ووصل إلى وطنه ولا يفي بمذاكرته أحد من حفاظنا.
[ك] وسمعت أبا علي يقول: قال لي أبو بكر محمد بن إسحاق: يا أبا علي لقد أصبت في خروجك إلى العراق والحجاز، فإن الزيادة على حفظك وفهمك ظاهرة.
[ب ك] ثم إن أبا علي أقام بنيسابور إلى سنة عشر وثلاثمائة يصنَّف ويجمع الشيوخ والأبواب وجوّدها، ثم حملها إلى بغداد سنة عشر ومعه أبو عمرو الصغير، فأقام ببغداد وليس بها أحفظ منه إلا أن يكون أبو بكر بن الجعابي، فإني سمعت أبا علي يقول: ما رأيت من البغداديين أحفظ منه.