للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

العباس القلانسي فشرح لي تلك المسائل شرحًا واضحًا، وقال: كان بعض القدريّة من المتكلمين وقع إلى محمد بن إسحاق فوقع لكلامه عنده قبول (١)، ثم خرجت إلى بغداد فلم أَدَعْ بها فقيهًا ولا متكلّمًا إلَّا عرضت عليه تلك المسائل، فما منهم أحدٌ إلَّا وهو شايع أبا العباس القلانسي على مقالته، ونقم (٢) لأبي بكر محمد بن إسحاق فيما أظهره، فلما كان بعد أشهر ورد أبو عمرو أحمد بن محمد بن عمر السمسار بغدادَ - وأنا بها - بكتب من محمد بن إسحاق إلى جماعة من العلماء في أمر تلك المسائل، فبينا أنا أسير ذات يوم ببغداد، إذ تعلّق بي أبو عمرو بن عمر وقال: ألستَ من الذين خالفوا الإمام أبا بكر محمد بن إسحاق، وتعلّق بي جماعة كانوا معه حتى جرّوني إلى باب الوزير، فلما أُدخلت عليه أقعدنا بين يديه، قال له الوزير: ادع عليه ما ذكرته من مذهبه، فقال أبو عمرو: هذا على مذهب من كفّرهم الإمام محمد بن إسحاق، فقال الوزير: هذا إمام نيسابور، ونحن ببغداد، خلّوا عن الرجل! فخلّوا عني.

[ك ت] [وسمعت أبا الحسن البوشنجي شيخ الصوفية بخراسان وسُئل: ما التوحيد؟ قال: أن لا يكون مشبّه الذات ولا منفي الصفات.

[ك] وسُئِل: ما السنة؟ قال: البيعة تحت الشجرة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه] (٣).

[ك ت] أخبرني أبو الحسن البوشنجي أنه سُئِل عن الفتوة فقال: الفتوة عندك في آية من كتاب الله وخبرٍ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. فأما قول الله تعالى: {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩]، وخبر النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمن العبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (٤)، يعني من خير، "ويكره لأخيه ما يكره لنفسه" (٥)، فمن اجتمع فيه هاتان الحالتان فله الفتوة.


(١) نقل الذهبي في سير النبلاء (١٤/ ٣٧٧ - ٣٨١) تفاصيل تلك الفتنة من "تاريخ نيسابور".
(٢) هذه الكلمة من اجتهادي، فقد قال محقق تاريخ دمشق: لفظة غير واضحة بالأصل وم، ورسمها، ونعتم.
(٣) يوجد عندي شك على وجود هاتين الجملتين في الترجمة في تاريخ نيسابور.
(٤) أخرجه البخاري (١٣) ومسلم (٤٥).
(٥) لم أجد هذه الزيادة في الحديث، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة (١/ ١٥٥) - تعليقًا على الحديث المذكور -: وكذلك أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه من الشر، وهذا وإنْ لم يذكره في الحديث؛ فهو من مضمونه؛ لأن حب الشيء مستلزم لبغض نقيضه، فترك التنصيص عليه اكتفاءً.

<<  <   >  >>