للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

غيرَه موضوعة لا تَعَلُّق لها بتشيُّع ولا غيره، فأوقع اللهُ في نفسي أنَّ الرجلَ كان عنده مَيْلٌ إلى عليِّ - رضي الله عنه - يزيدُ على الميل الذي يُطلَب شرعًا، ولا أقول: إنه ينتهي به إلى أن يضع من أبي بكرٍ وعمر وعثمان - رضي الله عنهم -، ولا إنه يفضِّل عليًّا على الشيخين، بل أستَبْعِدُ أن يفضِّلهُ على عثمان - رضي الله عنهما -، فإني رأيتُه في كتابه "الأربعين" عقد بابًا لتفضيل أبي بكر وعمر وعثمان، واختصَّهم من بين الصحابة، وقدَّم في المستدرك ذِكر عثمان على عليِّ - رضي الله عنهما -، وروى فيه (١) من حديث أحمد ابن أخي ابن وهب: حدثنا عمي، حدثنا يحيى بن أيوب، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: أول حجر حمله النبي - صلى الله عليه وسلم - لبناء المسجد، ثم حمل أبو بكر، ثم حمل عمر حجرًا، ثم حمل عثمان حجرًا، فقلت: يا رسول الله، ألا ترى إلى هؤلاء كيف يساعدونك؟ فقال: "يا عائشة، هؤلاء الخلفاء من بعدي". قال الحاكم: على شرطهما، وإنما اشتهر من رواية محمَّد بن الفضل بن عطية، فلذلك هُجِرَ.

قلتُ (٢): وقد حكم شيخُنا الذهبي في كتابه "تلخيص المستدرك" بأن هذا الحديث لا يصح؛ لأن عائشة لم يكن النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - دخل بها إذْ ذاك. قال: وأحمد منكر الحديث، وإنْ كان مسلم خرَّج له في الصحيح، ويحيى وإنْ كان ثقة فيه ضعف.

قلتُ: فمن يخرِّج هذا الحديث، الذي يكاد يكون نصًّا في خلافة الثلاثة، مع ما في إخراجه من الاعتراض عليه، يُظَنُّ به الرَّفض!

وخرَّج أيضًا في فضائل عثمان (٣) حديث "ليَنْهَضْ كُلُّ رجلٍ منكم إلى كُفْئِه"، فنهض النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عثمان وقال: "أنت وليِّي في الدنيا والآخرة"، وصحَّحه، مع أن في سنده مقالات.

وأخرج غير ذلك من الأحاديث الدّالة على أفضلية عثمان، مع ما في بعضها من الاستدراك عليه، وذكر فضائل طلحة والزبير وعبد الله بن عمرو بن


(١) المستدرك (٣/ ٩٦).
(٢) أي: السبكي.
(٣) المستدرك (٣/ ٩٧).

<<  <   >  >>