للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشهادة العدل المسلم هي الأصل ولا خلاف فيها بين العلماء، وإنما الخلاف في شهادة الكافر على وصية المسلم في حال الضرورة، وفي السفر خاصة، لمن حضره الموت.

فذهب بعض المالكية (١)، والشافعية (٢)، و هو المذهب عند الحنابلة (٣) إلى جوازها، بل نقل ابن القيم الإجماع على ذلك فقال: " والآية صريحة في قبول شهادة الكافر على الوصية في السفر عند عدم الشاهدين المسلمين، وقد حكم به النبي والصحابة بعده، لم يجئ بعدها ما ينسخها، فإن المائدة من آخر القرآن نزولاً، وليس فيها منسوخ، وليس لهذه الآية معارضا البتة فكان إجماعاً" (٤).

وكلام ابن القيم السابق عورض بوقوع الخلاف في المسألة فقد خالف الحنفية (٥)، والمالكية (٦)، والشافعية (٧) في هذه المسألة، ويرون عدم قبول شهادة الكافر على المسلم لا في الوصية ولا في غيرها، وقالوا بأن الآية التي معنا - أي آية المائدة- منسوخة بآية الدين (٨)، وهي قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾ [البقرة: ٢٨٢] إلى قوله تعالى: ﴿مِمَّنْ تَرْضَوْنَ


(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن (٦/ ٣٥٠).
(٢) انظر: أسنى المطالب شرح روض الطالب (٩/ ٢٩٧).
(٣) انظر: المغني (١٤/ ١٧٠)، الإنصاف (١٢/ ٦٠).
(٤) إعلام الموقعين عن رب العالمين (١/ ٩٧).
(٥) انظر: المبسوط (١٦/ ١٤١)، بدائع الصنائع (٦/ ٢٨٠).
(٦) انظر: بداية المجتهد (٤/ ١٧٧٤)، الجامع لأحكام القرآن (٦/ ٣٢٤).
(٧) انظر: الأم (٦/ ٢٥٨)، المجموع (١٨/ ٤٦٣).
(٨) انظر: نواسخ القرآن لابن الجوزي (٢/ ٤٢١) ...... الخ. وكون آية الدين في سورة البقرة نزلت بعد آية الوصية التي في سورة المائدة غير مسلم؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم عملوا بآية الوصية بعد موت النبي . انظر: الطرق الحكمية لابن القيم (١٤٤)، وفتح الباري لابن حجر (٥/ ٤٨٩)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٦/ ٣٢٤ - ٣٢٥).

<<  <   >  >>