قال فى المحصول: (وأما الاسم فاعلم أنه لا فرق عندنا بين الواجب والفرض، والحنفية خصصوا اسم الفرض بما عرف وجوبه بدليل قاطع، والواجب بما عرف وجوبه بدليل مظنون). قال أبو زيد- رحمه اللَّه- (الفرض عبارة عن التقدير). قال اللَّه تعالى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ}. أى قدرتم. وأما الواجب: فهو عبارة عن السقوط. قال اللَّه تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا}. "أى سقطت إذا ثبت هذا فنحن خصصنا اسم الفرض بما عرف وجوبه بدليل قاطع، لأنه هو الذى يعلم من حاله أن اللَّه تعالى قدره علينا". وهذا الفرق ضعيف، لأن الفرض هو المقدر لا أنه الذى ثبت كونه مقدرًا علمًا أو ظنًا، كما أن الواجب هو الساقط لا أنه الذى ثبت كونه ساقطًا علمًا أو ظنًا، وإذا كان كذلك كان تخصيص كل واحد من هذين اللفظين بأحد القسمين تحكمًا محضًا. انظره ١/ ١/ ١١٩ - ١٢١. وعلق الدكتور العلوانى على المسألة تعليقًا مفصلًا وحسنًا حتى قال: "وعلى هذا فتخصيص الحنفية الفرض بالقطعى والواجب بالظنى مجرد اصطلاح لهم، وحاصله أنهم قسموا الحكم باعتبار وصوله إلينا قسمين: مقطوع به، ومظنون، وجعلوا لكل قسم اسمًا يخصه. وقالوا: إن حكم المقطوع به أنه يكفر جاحده، وحكم المظنون أنه لا يكفر جاحده، والشافعية ومن معهم يوافقونهم على أن المقطوع به يكفر جاحده ولكن لا يخصونه باسم الفرض، بل يسمونه فرضًا وواجبًا، كما يوافقونهم على أن المظنون لا يكفر جاحده، ولكن لا يخصونه باسم الواجب، بل يسمونه واجبًا وفرضًا، فالخلاف إنما هو فى التسمية لاطلاق اللفظ كما بيناه، فإن ادعى الحنفية بعد ذلك أن التفرقة بين الفرض والواجب لغوية أو شرعية، قلنا لهم: ليس فى اللغة ولا فى الشرع ما يقتضى ذلك. . كما تقدم بيانه وشرحه، وإن ادعوا أن التفرقة اصطلاحية، قلنا: لا مشاحة فى الاصطلاح". . إلخ. انظره ١/ ١٢٥ تعليق. وانظر أصول السرخسى ١/ ١١٠، تيسير التحرير ٢/ ١٨٧، حاشية البنانى ٢/ ٨٨ - ٨٩، والمراجع السابقة عند بداية المسألة. (١) فى الأصل (بابًا).