للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مسألة]

الأمر بالشىء المعين نهى عن ضده (١) الوجودى (٢) تصريحًا عند بعضهم هو أحد قولى القاضى، وتضمينًا فى آخر قوليه، وهو رأى الجمهور إذا كان ذا ضد واحد كالإيمان ونحوه، فإن كان ذا أضداد فاختلفوا فيه.


(١) الضدان صفتان وجوديتان يتعاقبان فى موضع واحد يستحيل اجتماعهما كالسواد والبياض، والفرق بين النقيضين والضدين أن النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان كالوجود والعدم، والضدين لا يجتمعان ولكن يرتفعان كالسواد والبياض.
التعريفات للجرجانى ص ١٣٧، آداب البحث والمناظرة ١/ ٢٦، تهذيب المنطق ص ١٨.
(٢) للأصوليين فى هذه المسألة خمسة أقوال:
الأول: أن الأمر بالشىء المعين إيجابًا أو ندبًا نهى عن ضده الرجودى، تحريمًا كان أو كراهة، كان ضده واحدًا أو أكثر. وبه قال الأشعرى والباقلانى والجصاص.
الثانى: أن الأمر بالشىء يستلزم النهى عن ضده لا أن الأمر عين النهى عن ضده، ولا فرق بين أمر الإيجاب والندب، واختاره الرازى والآمدى وبعض المعتزلة.
الثالث: أن أمر الوجوب يتضمن النهى عن ضده بخلاف أمر الندب.
الرابع: أن الأمر كالشىء يقتضى كراهة ضده. وهو قول بعض الحنفية كالبزدوى والسرخسى والنسفى.
الخامس: أن الأمر بالشىء ليس نهيًا عن ضده مطلقًا. وبه قال إمام الحرمين والغزالى وابن الحاجب.
وانظر هذه الأقوال وأدلتها فى: المعتمد ١/ ١٠٦، البرهان ١/ ٢٥٠، المستصفى ١/ ٥٢، المنخول ص ١١٤، المحصول ١/ ٢/ ٣٣٤، العدة للحنبلى ٢/ ٣٦٨، التبصرة ص ٨٩، المسودة ص ٤٩، روضة الناظر ص ٢٥، الإحكام للآمدى ٢/ ٢٥١، شرح التنقيح للقرافى ص ١٣٥، تيسير التحرير ١/ ٣٧٣، أصول السرخسى ١/ ٩٤، كشف الأسرار ٢/ ٣٣٠، المنار وشروحه ص ٥٧٣، والبحر المحيط ٢/ ١٤٨.
وبعد هذا فالراجح عندى القول الثانى وهو أن الأمر كالشىء يستلزم النهى عن ضده لتوقف امتثال الأمر على ترك ضده، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

<<  <   >  >>