للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسألة (١)

فى تقليد الصحابة لمن فى هذه الأعصار خلاف، والأصح امتناعه.

ونقله إمام الحرمين عن إجماع المحققين، وعلله بأنهم -رضى اللَّه عنهم- لم يعتنوا بتهذيب مسائل الاجتهاد، والذين مِنْ بعدهم كَفَوْا مَنْ بعدهم النظر فى ذلك، والعامى مأمور باتباع مذاهب الباحثين (٢).

وكذلك قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح: التقليد يتعين هذه الأئمة الأربعة دون غيرهم من الصحابة -رضى اللَّه عنهم- لأن مذاهبهم انتشرت وانبسطت حتى ظهر فها تقييد مطلقها، وتخصيص عامها، وأما غيرهم فنقلت عنه الفتاوى مجردة، فلعل لها مكملًا أو مقيدًا أو مخصصًا لو انبسط كلام قائله لظهر خلاف ما يبدو منه بخلاف هؤلاء الأربعة (٣).

فامتناع التقليد إذن لتعذر نقل حقيقة مذاهبهم.

قال ابن برهان -فى الأوسط-: وتقليد الصحابة -رضى اللَّه عنهم- مبنى على جواز الانتقال فى المذاهب، فمن منعه قال: مذاهب الصحابة لم تكثر فروعها حتى يمكن المكلف الاكتفاء بها فيؤديه ذلك للانتقال وهو ممنوع (٤)، ومذاهب


(١) راجع المسألة فى: البرهان ٢/ ١١٤٦، الغياثى ص ٤١٠، المنخول ص ٤٧٤، المحصول ٢/ ٣/ ١٧٨، الإحكام للآمدى ٤/ ٢٠٩، البحر المحيط ٣/ ٣١٢ - ٣١٣، نهاية السول حاشية المطيعى ٤/ ٦٣٠.
(٢) انظر البرهان ٢/ ١١٤٦، والمؤلف نقل منه بالمعنى. وانظر التقرير والتحبير ٣/ ٣٥٣، وتيسير التحرير ٤/ ٢٥٥.
(٣) انظر مقدمة المجموع للنووى ١/ ٥٣، والتقرير والتحبير ٣/ ٣٥٣ وتيسير التحرير ٤/ ٢٥٥.
(٤) قال القرافى فى شرح التنقيح: "انعقد الإجماع على أن من أسلم فله أن يقلد من شاء من العلماء بغير حجر، وأجمع الصحابة -رضوان اللَّه عليهم- على أن من استفتى أبا بكر وعمر -رضى اللَّه عنهما- أو قلدهما فله أن يستفتى أبا هريرة، ومعاذ=

<<  <   >  >>