للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمنقول عن الشيخ أبى الحسن الأشعرى وغيره أنه نهى عن جميع أضداده لانتفاء حصول المقصود إلا بانتفاء كل ضد، وأما النهى عن الفعل فهو أمر بضده بلا خلاف، إن كان ذا ضد واحد، واختلفوا فيما إذا كان له أضداد، والصحيح أنه أمر بواحد فها لحصول المقصود بفعل ضدٍّ واحد.

وقال أكثر المعتزلة: ليس الأمر نهيًا عن ضده، ولا العكس (١).

وأصل الخلاف يلتفت على أمرين:

أحدهما: أن الأمر بالشىء هل هو أمر بما لا يتم إلا به أم لا؟ .

والثانى: يرجع إلى إثبات الكلام النفسى (٢) هل هو متعدد أم لا؟ .

فعند المعتزلة الأمر والنهى حقيقة فى الصيغة، لأنهم ينكرون الكلام النفسى، ومذهبنا إثباته، وأنه كلام واحد (٣) من الصفات الأزلية، وتقسيمه إلى أمر ونهى


(١) انظر المعتمد ١/ ١٠٦ - ١٠٧.
(٢) المعنى النفسى نسبة بين مفردين قائمة بالمتكلم، ويعنى بالنسبة بين المفردين -أى بين المعنيين المفردين- تعلق أحدهما بالآخر وإضافته إليه على جهة الإسناد الإفادى بحيث إذا عبر عن تلك النسبة بلفظ يطابقها ويؤدى معناها كان ذلك اللفظ إسنادًا إفاديًا.
ومعنى قيام النسبة بالمتكلم: أن الشخص إذا قال لغيره: اسقنى ماء فقبل أن يتلفظ بهذه الصيغة قام بنفسه تصور حقيقة السقى، وحقيقة الماء، والنسبة الطلبية بينهما، فهذا هو الكلام النفسى والمعنى القائم بالنفس وصيغة قوله: "اسقنى ماء" عبارة عنه ودليل عليه.
قال الراغب الأصفهانى: اعلم أن المعنى إذا كان فى النفس فعلم، وإذا انتهى إلى الفكر فروية، وإذا جرى به اللسان فكلام، وإذا كتب باليد فكتاب.
شرح الكوكب المنير ٢/ ١١، فواتح الرحموت ٢/ ٣، المنتهى لابن الحاجب ص ٣٣، المختصر مع العضد ٢/ ١٨، الأربعين فى أصول الدين للرازى ص ١٧٤، غاية المرام للآمدى ص ٩٧، كتاب الأعتقاد للراغب ص ١٧٥، وانظر البحر المحيط ١/ ٢٥٥، ٢/ ١٤٨.
(٣) ونقل هذا القول عن الأشعرية والكلابية شيخ الإسلام فى الفتاوى ١٢/ ٤٢، ١٦٢ =

<<  <   >  >>