للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل: إنما يصير واجبًا عند اختيار العبد.

قال السمرقندى (١) -من الحنفية فى كتاب الميزان-: والخلاف فى هذه المسألة يلتفت على أن التكليف يبنى على ماذا؟

فعند المعتزلة يبنى على حقيقة العلم دون السبب الموصول إليه، وإيجاب واحد من الأشياء غير معين تكليف ما لا علم للمكلف به.

وعندنا التكليف يبنى على سبب العلم لا على حقيقة العلم، كما يبنى على سبب القدرة لا على حقيقة القدرة (٢).


(١) هو أبو بكر محمد بن أحمد بن أبى أحمد علاء الدين شمس النظر السمرقندى، ففيه أصولى متبحر.
من شيوخه: أبو المعين ميمون المكحولى، وأبو اليسر البزدوى.
من تلاميذه: ابنته فاطمة وزوجها أبو بكر بن مسعود الكاشانى.
من تآليفه: ميزان الأصول فى نتائج العقول، واللباب فى الأصول، وتحفة الفقهاء فى الفروع.
توفى غرة جمادى عام ٥٤٩ هـ.
الفوائد البهية ص ١٥٨، كشف الظنون ٢/ ١٩١٦، الفكر السامى ٢/ ١٨٢، تاج التراجم ص ٦٠، الجواهر المضيئة ٢/ ٦، وكحالة ٨/ ٢٢٨.
(٢) وهذا القول مبنى على أن للأفعال أوصافًا فى ذواتها لأجلها يوجبها اللَّه تعالى، وهو مذهب اعتزالى مردود، بل الإيجاب إليه تعالى، وله أن يعين واحدة من الثلاث المتساويات فيخصصها بالإيجاب دون غيرها، وله أن يوجب واحدًا لا بعينه ويجعل مناط التعيين اختيار المكلف لفعله حتى لا يتعذر عليه الإمتثال.
المستصفى ١/ ٤٣، الإحكام للآمدى ١/ ١٤٧.
والتحقيق أن الخلاف فى هذه المسألة لفظى. إذ لا خلاف بين الفريقين أنه لا يجب الإتيان بكل واحد منها، ولا يجوز تركه كذلك، وأنه إذا أتى بواحد منها كفى ذلك فى سقوط التكليف، وبهذا قال القاضى الباقلانى، وإمام الحرمين، وأبو الحسين البصرى والشيرازى، وابن القشيرى، وابن برهان، وابن السمعانى، وسليم، والرازى.
المعتمد ١/ ٨٤، البرهان لإمام الحرمين ١/ ٢٦٨، المحصول ١/ ٢ / ٢٦٦، والبحر المحيط ١/ ١٠٤.

<<  <   >  >>