للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشام والحجاز سنة ٦٥٨ هـ، ثم توالى الملوك بعده، وصار بعضهم يقتل بعضًا، وقامت الحروب بين المسلمين، واستمر وضعهم فى حالة يرثى لها إلى أن تولى الملك الناصر بن قلاوون حيث حكم وعُزل عدة مرات، كان آخرها عزله عام ٧٤١ هـ.

والذى يهمنا من أحداث هذه الفترة لدراسة حياة الإمام الزركشى ما كان فى مطلع القرن الثامن الهجرى من إرادة التتار غزو بلاد الشام ومصر بعد أن استولى الملك الناصر محمد بن قلاوون على الحكم بقليل فاستعد لقتال التتار، وزحف بجيوشه إلى الشام، ووقعت بينه وبين التتار معركة كانت الدائرة فيها على الملك الناصر وجيشه، فبالغ التتار فى التخريب والسلب والنهب والقتل إلا أن الناصر أخذ يعد العدة لملاقات أعدائه، وأعاد الكرة، فزحف إليهم ثانية عام ٧٠٢ هـ، ووقعت بينهم موقعة (مرج راهط) وانتصر فيها المسلمون انتصارًا حاسمًا، وقُضى على التتار قضاء مبرمًا، وخضعت بلاد الشام ثانية لسلطان مصر، ثم عاد الناصر إلى مصر، وبقى فى منصبه حتى ساءت العلاقة بينه وبين الظاهر بيبرس فرحل إلى الحج، ولكنه عندما وصل إلى الكرك خلع نفسه من السلطنة عام ٧٠٨ هـ بعد أن حكم فى هذه المدة قريبًا من تسع سنوات ونصف (١).

وتولى بعده السلطان الملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير، وفى زمنه تفشت الأمراض، وعم الوباء، وارتفع سعر القمح وغيره من المواد وتشاءم الناس بطلعة المظفر بيبرس، ووقعت الوحشة بينه وبين عامة المصريين واضطربت الأوضاع، ووقعت المواجهة بينه وبين الناصر بن قلاوون حتى كانت نهاية المظفر على يد الناصر عام ٧٠٩ هـ (٢).

وهكذا ابتدأ القرن الثامن بالاضطرابات والفتن والحرص على السلطة والملك والحروب الطاحنة التى ذهب ضحيتها نفوس كثيرة، وأريقت دماء غزيرة، ولم


(١) البداية والنهاية ١٣/ ٣٣٤، ١٤/ ٤٨، وعصر سلاطين المماليك ١/ ٣٢.
(٢) النجوم الزاهرة ٨/ ٢٦٨، ٢٧٥.

<<  <   >  >>