للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهم يمنعونه، وأما قبل وجوده ففيه خلاف عندنا، فقيل: هو كحال وقوعه لا فرق بينهما.

وقيل: أما حال وقوعه فتعلق إلزام، وقبل الوقوع تعلق إعلام.

وهذا مذهب الرازى (١) وأتباعه.

قال المازرى: وحذاقنا على الأول.

قلت: وهو الذى نقله القاضى أبو بكر عن المحققين من أصحابنا، ونقل مذهب الرازى عن بعض من ينتمى إلى الحق وأفسده، وعلى ذلك جرى إمام الحرمين فى مختصر كتاب القاضى الذى سماه "التلخيص" (٢) وأملاه بمكة شرفها اللَّه تعالى، وهو أجل كتاب فى أصول الفقه نقلًا وحجاجًا. إذا علمت ذلك فاعلم أن الخلاف فى هذه المسألة إنما (٣) يلتفت إلى الاستطاعة مع الفعل أو قبله؟ .

ومذهب الشيخ وأصحابه أنها مع الفعل، لأنها لو كانت قبله لكان الفعل موجودًا بقدرة معدمة، وعند المعتزلة أنها سابقة عليه.

فإن قلنا: إنها سابقة. فالتكليف قبل الفعل.

وإن قلنا: معه توجه التكليف حينئذ هذا قضية البناء.

وقال صاحب (٤) الفائق: قول المعتزلة، والإمام هو قياس أصل الشيخ فى أن


(١) هو أبو عبد اللَّه فخر الدين محمد عمر بن الحسن ين الحسين الرازى القرشى، أصولى مفسر متكلم شاعر فيلسوف.
من شيوخه: والده، الكمال السّمانى، والمجد الجيلى.
من تلاميذه: إبراهيم الأصبهانى، والحسن الواسطى، وشرف بن عينين الأديب.
من تآليفه: المحصول، ومفاتيح الغيب (التفسير الكبير)، والمسائل الخمسون فى الكلام. ولد عام ٥٤٤ هـ، وتوفى عام ٦٠٦ هـ.
وفيات الأعيان ٣/ ٣٨١، طبقات السبكى ٨/ ٨١، ابن كثير ١٣/ ٥٥، لسان الميزان ٤/ ٤٢٦، وميزان الاعتدال ٣/ ٣٤٠.
(٢) فى الأصل (التخليص)، وانظره ورقة ٥٦.
(٣) فى الأصل (ما).
(٤) هو صفى الدين الهندى.

<<  <   >  >>